
كي نفهم موضوع التمرد
----——————————————
الدول العظمى والدول ذات الاستخبارات الرصينة لديها دائما خطط لمواجهة اي تمرد ومحاولات الانقلاب، وفي التاريخ حدثت عدة محاولات انقلاب وتمرد تم التعامل معها بدقة وذكاء وطبعا اقصد مع الدول العظمى وذات الامن العالي وفي موضوعنا هذا اتكلم عن تمرد قائد قوات فاغنر.
ساسرد مثال واتوقع انه سيكون مصير قائد فاغنر مشابها.
ففي عام 1995 انشق حسين كامل عن النظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وكان حسين كامل يعتبر اليد اليمنى لصدام حسين حيث كانت مقولة "اذا قال حسين كامل قال صدام" تمثل ثقل ومكانته في نظام الحكم حينها.
وفجأة ودون سابق انذار ينشق ويهرب الى الاردن مع اخيه وعائلتيهما ويعلن انه سيقود معارضة لاسقاط نظام صدام حسين وهو المقرب والمؤتمن من صدام حسين فلما لم يسقطه باغتياله صدام حسين وهو بقربه !
استدرجه صدام حسين بخطة ذكية جدا لم تنتبه لها اي جهة امنية دولية اخرى ولا حتى الامريكية.
من ضمن هذه الخطة انه اصدر عفوا رسميآ عنه وعن اخيه وبضمانات قدمت للملك حسين انذاك الذي كان احد الوسطاء فابتلع حسين كامل الطعم.(هناك تفاصيل اخرى يطول شرحها ساعدت في وثوق حسين كامل بامر العفو عنه).
رجع حسين كامل الى العراق فعلا فتم تصفيته بعد ايام قليلة فقط هو واخيه من قبل عشيرته وفق العرف العشائري وليس وفق مرسوم رسمي وهو الامر الذي لم يتوقعه بل لم يعلق عليه الملك حسين حينها ولا اي جهة ضمنت لحسين كامل رجوعه بأمان.
صاحبنا هنا قائد قوات فاغنر يبدو انه ابتلع الطعم رغما عنه.
قبل التوغل في كيفية بلع الطعم يجب ان ننتبه الى امر مهم جدا وهو شخصية يفغيني بريغوجين طباخ بوتين السابق وقائد قوات فاغنر.
كنت احلله نفسيا من خلال حركات جسده وكلماته ونبرة صوته ولم يكن لدي شك انه يعاني بشدة من داء العظمة المبني على برانويا وهي تقرييا 4 انواع تشترك جميعها في ان المصاب بها يشك في كل من حوله ويؤل اي فعل لا يعجبه على انه مؤامرة ضده لكن من الممكن اختراق شكوكه بميثاق امن غليظ فيستسلم.
صعًد المدعو بريغوجين من نبرة عداءه واسلوب الشخصنة في الاسابيع القليلة الماضية ضد وزير الدفاع الروسي شويغو لكن الاخير لم يرد عليه ابدا ولا حتى الكرملين اصدر يوما اي رد رسمي على تصريحات بريغوجين المثيرة والانتقادية الحادة.
في كل الجيوش الكبرى يكون على الرئيس ان يحذر من انقلاب الجيش ضده لانه ذا قوة لا يستهان بها فيعمد لعدة امور منها خلق تيارات متنافسة داخلية وتشكك بعضها ببعض كي ما اذا فكر او قام احد بتمرد او محاولة انقلاب بطش به التيار المناوئ او على الاقل لا يشترك معه.
هذا بالاضافة الى امر مهم اخر هو ان قوات فاغنر لاتملك صواريخ بعيدة المدى ولا طائرات ولا حتى مسيرات مما يجعلها قصيرة اليد وتحتاج لمعجزة للانقلاب ضد جيش مثل الجيش الروسي اقوى جيوش العالم.
انكشفت الحقيقة امام عين بريغوجين عندما بدأ تمرده واذا باهالي القرى النائية التي دخلها وهم يشتموه وينكلون بجنوده ويوبخوهم الامر الذي احدث ردة فعل نفسية بل صفعة ايقضته هو وجنوده رغم عدم اطاعة جميع جنوده لاوامره، فوجدوا انهم فعلا بلا اي ارضية شعبية للقيام بانقلاب وهذا هو سر نجاح اي انقلاب.
ارسل شويغو طائرة هليكوبتر واحدة قصفت له احدى الاليات وحتى اختيار القطعة كان ذكيا فاوقفت رتلا لفاغنر باكمله كان يصوره الاعلام الجاهل وكأن هذا الرتل سيسقط موسكو، فوجهت صفعة افاقة اخرى لجنود وقادة فاغنر هزت كيانهم ومعنوياتهم بشكل تغيرت معه نبرتهم العدائية.
شعر بريغوجين ان تمرده ولد ميتا، هنا دخلت خطة بوتين مرحلة حاسمة، ففورا وباتصال ذكي من الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو حليف بوتين المخلص لبريغوجين لاعطاءه اكسير حياة يبحث عنه وهو عامل نفسي مخدر ليخرجه من دوامة قرار مصيري يريد اتخاذه، هل يقاتل لاخر رجل او للموت او يستغل عرض آمان بضمان لينهي حالة عدم الطمأنينة وعدم الاستقرار القاتلة نفسيا التي اجتاحته، فبكل تاكيد سيختار الامر الثاني، لا يدري انه طعم.
بوتين لن يغفر له، رسميا عفا عنه لكن لم يضمن له لا حياته ولا التصفية من قبل مؤسسات مثل المخابرات او استخبارات الجيش الروسي او حتى الموالين بتعصب لبوتين.
سيتم تصفيته ولا تهم الطريقة والمكان لكن لا اتوقع له العيش طويلا.
تحيتي