top of page

إلى هذه الدولة سيذهب الروس بعد أوكرانيا!



دول ذات باع عسكري طويل سواء من انتصارات دولية ضخمة او من دروس تاريخية وعبر مؤلمة اعتبرت منها, حتما ستفكر مليا قبل الإقدام على خطوة تاريخية تعيد لها هيبتها وترى ان تنفيذها لايكون إلا عن طريق عمل عسكري وليس سياسي بعد ان عرفت ان اي مفاوضات او جهد سياسي هو مجرد تضييع وقت لكنها جعلت المفاوضات فرصة لكسب وقت للتحضير لتغيير كبير علاوة على اختبار مواقف دولية اخرى وفضح مواقف دولية اخرى أمام شعوبها واقصد بهذا روسيا والصين حصرا.


ينشغل حلف الناتو بدفع الأمور في أوكرانيا إلى نقطة اللاعودة ظنا منهم كعادتهم بان يخلقوا مستنقع لروسيا وهي نفس الخطة الفاشلة التي طبقت في سوريا لاستدراج الروس إلى سوريا لتكون أفغانستان ثانية فإذا بهذا الحلف يهرب مهرولا بكلتا يديه وقدميه من أفغانستان نفسها بعد ان أصبحت مستنقعا لحلف الناتو مجرجرا هزيمة تاريخية لن تمحى بل من الواضح أنها كانت رصاصة الرحمة, فحلف الناتو لن يطلق رصاصة لعيون الأوكرانيين بل لاتهمهم اي دولة خارج أراضي الحلف إلا كقواعد عسكرية وهذا ما أثبته التاريخ منذ انهيار الاتحاد السوفيتي ودخول دول كثيرة من أوروبا الشرقية إلى الحلف وكذلك بعضها إلى الاتحاد الأوروبي وكانت النتائج مروعة لهذه الشعوب كما نرى.


الولايات المتخبطة الأمريكية بقيادة رئيسها الذي يبدو انه لم يشبع نوما في بيته فجاء لينام في البيت الأبيض وفي المؤتمرات أحاط نفسه بمستشارين لا يقلون غباءا عنه فتفتقت أذهانهم عن طريقة لاسترجاع مقعدهم في أوروبا بعد ان قرر الاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا وألمانيا إنشاء جيش أوروبي يكون بديلا عن حلف الناتو الأمر الذي ينهي سطوة الولايات المتخبطة عالميا وكذلك طرد البريطانيين من الاتحاد فبات عزل الولايات المتحدة دوليا مسالة وقت لا اكثر.


الطريقة تقليدية بائسة وهي تزويد أوكرانيا بأسلحة ضخمة إعلامياً وصورية في حقيقتها فهي في مجملها لحد ألان لاتكفي لصمود فرقة عسكرية لأكثر من ساعتين او اكثر بأفضل الأحوال هذا ان استطاعت هذه الفرقة من فتح النار للدفاع عن نفسها أصلاً قبل أن تُقطع الاتصالات عنها وفيما بينها فتصبح لقمة سائغة لعدة رصاصات كلاشنكوف وينتهي أمرها بسهولة وسرعة, بل ان المساعدات هذه أثارت حفيظة الرئيس الأوكراني نفسه الموالي للغرب حيث صرخ بوجه حلف الناتو ان لا يصعدوا الموقف تجاه روسيا وإثارة الذعر وجعل أوكرانيا كبش الفداء فيبدو انه فهم اللعبة لكن متأخرا كذلك يبدو ان الأسلحة هذه مفروضة عليه وليست خيارا له او لحكومته الفاسدة.

حلف الناتو يكرر الأسطوانة الصدئة حد التعفن وهي ان باب التفاوض يظل مفتوحا لكن الحلف في نفس الوقت يرسل أسلحة مضحكة لأوكرانيا واهما الحكومة الأوكرانية بان الحلف يقف بمعها ويعتقد الحلف ان الشعب الأوكراني الذي اكثر من نصفه مؤيد للتدخل الروسي (الأوكرانيين جميعا من أصول روسية حيث كانت أوكرانيا ارض روسيا قبل ان يصنع لينين منها دولة للقضاء على فكرة إنشاء دولة لليهود هناك عندما قوت شوكتهم حينها وأرادوا الاستعانة بالغرب لفصل تلك الأراضي عن روسيا) بانه سيقاتل الروس, اي مهزلة فكرية هذه !


بالطبع حلف الناتو يستعمل هذا الدعم لإقناع الدمى التي نصبها واسماها حكومة في أوكرانيا بعدم التفاوض مع الروس فان اي تفاوض مع الروس سيجعل الغرب في موقف لا يحسدون عليه وعندها يكون بوتن قد وجه ضربة تاريخية أخرى لحلف الناتو بل سيقضى عليه بأسرع مما هو متوقع وبالتأكيد إذا ما خرجت أوكرانيا من جبة الناتو ستتبعها باقي الدول الضعيفة من أوروبا الشرقية التي دخلت هذا الحلف او انضمت للاتحاد الأوروبي لكنها تعاني بصمت مثل هنغاريا التي بدأت بالفعل تغرد خارج سرب الاتحاد الأوروبي.


لذى نرى ان من مصلحة حلف الناتو خلق حالة عدم ثقة بين الحكومة الأوكرانية المنصبة من قبل حلف الناتو وبين روسيا ضاربين تطلعات ورغبات الشعب الأوكراني عرض الحائط والذي أشارت استفتاءات عدة في الأشهر الأخير حتى قبل اندلاع الأزمة بان اكثر من 55% من الأوكرانيين يؤيدون تدخل روسيا في بلدهم لإنقاذها من المافيات الحكومية التي جلبها ويدعمها حلف الناتو والاتحاد الأوروبي والتي نهبت مقدار البلد ومقدرات الشعب في وضح النهار (لا ننسى فضيحة نجل جو بايدن نفسه المتورط بصفقات وعقود فاسدة مع الرئيس الأوكراني والتي كشف عنها الرئيس الأمريكي السابق ترامب).



الروس قد وضعوا خطة استرجاع أوكرانيا وانتهى الأمر ولم يبقى إلا التنفيذ إلا في حالة استسلام الناتو للمطالب الروسية بإيقاف التوسع نهائيا وأبدا وهذا مستبعد جدا لذلك دخل الناتو في نفق لا مخرج منه, فهو ان استسلم للطلبات الروسية انتهى أمره وان مضى في توسعه انتهى أمره باسترجاع روسيا أوكرانيا والقضاء على توسع الناتو في جزئه المهم بل سيكون هناك خسائر إضافية فاسترجاع أوكرانيا ليس هدفا نهائيا لروسيا حيث هنا قد تكون الحرب بدأت (ليس بالضرور حرب تقليدية قديمة اي صواريخ وطائرات) بل ان حرب القرن الواحد والعشرين الباردة قد بدأت وهي ان على روسيا ان تؤمن هذا النصر بتوسيع رقعة تامين النصر لذلك بدأت فعلا روسيا بالتحضيرات للسيطرة على مناطق بحر البلطيق.


ما سر غوتلاند وكالينيغراد!


السويد هي مركز الاتصالات الرئيسي والوحيد لحلف الناتو (الخوادم او ما يسمى السيرفرات) والسيطرة على اتصالات العدو هي السيطرة على ارض المعركة بل وحسمها وهذا أمر مفروغ منه.


ضربت ذراع الجيش الروسي السيبرانية واسميها أرسلت بإشارة بليغة مناطق في السويد في تموز/ يوليو 2021 عندما تم شل شبكة الاتصال وصناديق النقد (الكاشيرات) لأكبر متاجر السويد وهي سوبرماركت كووب Coop وعددها 800 فرع ولعدة أيام ولم ينتهي الأمر لغاية اليوم لكن يبدو ان الروس ارسلوا إشارة قوية وتم تيسير استعمال الشبكة لإدارة السوبرماركت لكن دون تسليمهم السيطرة بالكامل كما فعلوا مع شركات ضخمة مثل مايكروسوفت وغوغل وغيرها في الولايات المتحدة.


وقتها كتبتُ مقالة عن هذا الأمر لأهميته (بعنوان هل بدأت روسيا باستخدام عقيدة أمريكية) بان العملية هي رسالة لحلف الناتو بان عمودكم الفقري بيدي واستطيع شله في لحظات دون ان اطلق رصاصة او احرك جندي واحد ولن يكلفني الأمر دولارا واحدا.


قبل أيام بدأت غواصات نووية روسية بالظهور قبالة سواحل السويد لا سيما بالقرب من مدينة غوتلاند Gotland والتي هي جزيرة تبعد فقط 300 كم عن روسيا (كما موضح في صورة المقالة) كذلك تم تثبيت تقارير عن تحليق طائرات دون طيار مجهولة المصدر فوق مفاعلات نووية سويدية ومحطات كهربائية وقد أدخلت السويد (جيشها) حيث هي لا تملك جيش بمفهوم الجيش المتعارف عليه فأدخلت عناصر مسلحة بالإنذار ونشرتهم في عموم الجزيرة منذ بداية الشهر الجاري كانون الثاني /يناير 2022 وما زالت هذه الدوريات تجوب الجزيرة رغم احتفاء الغواصات الروسية وكذلك الطائرات المسيرة المجهولة لكن . . !



جنود سويدين يقومون بدوريات في مدينة غوتلاند
جنود سويدين يقومون بدوريات في مدينة غوتلاند


كذلك بدأت روسيا اليوم استعراض احدث طائراتها المقاتلة التي تسلمها الجيش الروسي وهي سوخوي SU-30SM2 المتفوقة جدا على نظيراتها في حلف الناتو وتم الاستعراض في مدينة كالينيغراد والتي فيها احد اهم قواعد روسيا الجوية وهي قاعدة تشيرنياكوفسك الجوية على بحر البلطيق مقابل جزيرة غوتلاند السودية وهي جزيرة يقطنها قرابة 60 الف سويدي مصابين بارتفاع درجات حرارة غير مسبوق رغم برودة الجو التي وصلت الى 15 دون الصفر.


هناك تعبير سويدي برز اكثر في ثمانينات القرن الماضي (لكنه موروث من احداث تاريخية سابقة) عندما اشتدت الحرب الباردة والسباق النووي حيث كانت السويد ايضا نقطة ضعف لحلف الناتو وبدأ الاتحاد السوفيتي يخطط لغزوها فصار السويدين يقولون (Ryssen kommer) اي الروس قادمون ومازال السويدين يستخدمون هذا التعبير فيما بينهم عند التحذير من شيء مرعب.