فقط بأقل من قرن وصل العلماء الى هذا القدر من تخليق جينوم صناعي في خطوة للوصول لتخليق كائنات حية وفق المواصفات المطلوبة. يعطينا هذا الانجاز دفعة تفكيرية عظيمة لما سيكون عليه العلم الجيني والبيولوجي في العقدين القادمين فقط وليس قرون قادمة. نعم انه الانسان الابدي الذي قد يكون يختلف جذريا عما نحن عليه الان.
اقترب علماء من استكمال جينوم اصطناعي برمته لميكروب كان يُستخدم منذ ما يربو على 5000 سنة في صناعة الخبز والبيرة والنبيذ وبذلك تمهيد الطريق لتنمية كائنات عضوية جديدة من صنع الانسان وبالمواصفات التي يحددها. ويعتبر البحث الذي أُجري على خميرة الخبز انجازا كبيرا في قدرة العلماء على تصنيع "شفرة الحياة". وفي حين ان التعديل الوراثي لا يغير إلا عدداً صغيراً من الجينات كل مرة فان الطريقة الجديدة تمكن العلماء من ان يعيدوا كتابة جينومات كاملة. وهم يستطيعون في مجرى العملية إزالة المواد الوراثية الفائضة والمناطق غير المستقرة التي تراكمت على امتداد ملايين السنين من النشوء والارتقاء واضافة حمض نووي جديد في هذه الاثناء. وتتيح الدراسة الجديدة للعلماء اكتساب معرفة أعمق عن السؤال الأساسي الذي يتمثل في "كيف يعمل الحمض النووي في المتعضيات(الكائنات) الحية". ولكن التكنولوجيا الجديدة بلغت مرحلة تمكنها من تخليق( اي تشكُّل مُركَّب كيميائيّ عن طريق كائن حيّ) ميكروبات ونباتات وحيوانات حسب الطلب ايضاً. وسيجري تخليقها لتلبية حاجات انسانية محددة بجينومات تجعلها تنتج عقاقير ولقاحات طبية وتحول النفايات الى طاقة وحتى تنمية اعضاء مناسبة لعمليات الزرع البشرية. وأوضح فريق دولي من العلماء برئاسة العالم الوراثي جيف بوك في جامعة نيويورك كيف انهم استخدموا الكومبيوتر لتصميم كل كرموسوم من الكروموسومات الستة عشر التي تحملها خميرة الخبز الطبيعية. وكان الجينوم الاصطناعي النهائي الذي انجزوه يقل بنسبة 8 في المئة عن الجينوم الطبيعي. ونقلت صحيفة الغارديان عن بوك "ان جميع الكروموسومات الستة عشر لخميرة الخبز يجب ان تُبنى وتُختَبر في خلايا بحلول نهاية العام" متوقعاً ان تكون هذه الخلايا عاملة بالكروموسومات الاصطناعية في عام 2018. واضاف بوك "ان التصميم النهائي يتضمن كروموسوماً اضافياً سابع عشر صُنع من الصفر ليجمع طائفة من الأجزاء المهمة التي تنتج البروتين في مكان واحد". وتتطلب التكنولوجيا الجديدة لتصميم الجينومات وبنائها الكثير من الموارد المالية والوقت. وعلى سبيل المثال ان تصنيع كل الحمض النووي في خمرة الخبز يكلف ما لا يقل عن 1.25 مليون دولار ويستغرق تصنيع كل كروموسوم سنة على الأقل. ولكن العلماء يتوقعون انخفاض الكلفة بحدة كما حدث مع كلفة التسلسل الجيني منذ استكمال اول جينوم بشري في عام 2003. وكان العلماء تمكنوا من بناء جينومات بكتريا وفيروسات في السابق ولكن الدراسة الجديدة ركزت على كائن عضوي أكثر تعقيداً له نواة محددة بوضوح. وتنتمي هذه الخلايا الى مجموعة تُسمى الخلايا "حقيقيات النوى" التي تشمل خلايا النبات والحيوان والبشر. اعدت «إيلاف» هذا التقرير بتصرف عن «الغارديان». الأصل منشور على الرابط التالي
Comments