يعتبر سد إليسو من السدود الضخمة فهو يتسع تقريبا 44 مليون متر مكعب من الماء وبدأت الأعمال الإنشائية فيه عام 2006. تعرض السد لأزمات كثيرة وكبيرة منذ الإعلان عن المشروع؛ فقد حصلت تركيا في بادئ الأمر على تمويل من مؤسسات مالية في سويسرا والنمسا وألمانيا بقيمة 610 مليون دولار ثم بعد فشل تركيا في الاستجابة لمطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية من قبل الاتحاد الأوروبي تم رفض التمويل والذي سبقه رفض من بريطانيا للتمويل بقيمة 236 مليون دولار أيضا. ايضا تعرض لتهديدات فعلية من جانب حزب العمال الكردستاني الذي شن بالفعل عدة هجمات على مقتربات السد ومواقع البناء في بداية انطلاق الأعمال الانشائية مما دفع الحكومة التركية بنشر قوات من الجيش التركي حول مناطق السد.
لكن تركيا وعلى لسان وزير البيئة فيصل اروغلو الذي صرح عقب رفض التمويل " دعوني أقول لكم, إن مصنع الطاقة العظيم هذا سيتم بنائه ولن يستطيع أحد إيقافه هذا هو قرارنا " فشرعت ببناء السد عام 2006 وبتمويل مجهول نوعا ما وعلى ما يبدو انه تمويل من مؤسسات مالية أرادت السيطرة على مركز صنع القرار في تركيا وهذا ما أثبتته الأحداث الجارية الأن من انهيار الليرة التركية والتي بات موضوع انهيارها تماما مسالة وقت لا أكثر فقد دخل أردوغان وحكومته النفق المظلم المعتاد الذي دخلته عدة دول من قبل ألا وهو نفق الديون السيادية الذي نهايته أحد الأمرين إما أن تدفع الدين الضخم الذي وقعت فيه وهذا طبعا مستحيل أو أن تنفذ كل ما يأمرك به الدائنون وفي كلتا الحالتين ستكون نهايتك مأساوية فاللعب مع الكبار كاللعب بالبيضة والحجر.
بالشروع في بناء السد ناهضت جماعات البيئة المشروع حيث انه فعليا يهدد قرى بأكملها ومنها حسنكيف التي يتوقع أن تتلاشى بعد إكمال السد أو بعد ملئه الذي بدأ في الأول من حزيران 2018 وقد قامت عدة تظاهرات شارك فيها حتى قبائل من عرب الأحواز في جنوب العراق وغرب إيران حيث أن السد يهدد البيئة المائية في أكبر منطقة أهوار في العالم وأقدمها والتي يعتقد أنها جنة عدن التي ذكرتها الأساطير وعدة كتب سماوية وهي المنطقة الممتدة من وسط جنوب العراق إلى داخل إيران وهي تشكل إقليم خوزستان الذي يعتبر أخصب إقليم في إيران.
السد بدأ فعليا يؤثر أيضا على نهر دجلة العظيم الذي جله يمر في العراق فقد وصل حد الجفاف في النهر حد ان أرضية النهر قد ظهرت وفرع دجلة في محافظات الوسط والجنوب قد جفت بالفعل وهذا له وقع كارثي على الحياة برمتها في العراق الذي يقطنه اكثر من 35 مليون عاطل عن التفكير والفعل حيث لازال يعيش بتخبط كامل وتام منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ولحد اليوم ولا يوجد أي بارقة امل بأن تأتي حكومة كي تسّير أمور العراق بطريقة سيادية ومهنية أبدا لا سيما إن الانتخابات الأخيرة أبرزت حقائق كارثية وهي إن الشعب بين رافض وموافق على الانتخابات في نهاية الأمر بقي الفاسدون والعملاء لإيران يحكمون المشهد في العراق فلا هم لهم سوى نهب ما تطاله أيديهم كلٌ لحسابه الخاص واغلبهم كما أسلفت لهم أجندة إيرانية بحتة فإيران تتهاوى أيضا وأصبحت كالسرطان في رمقه الأخيرة يحاول أن يعتاش لأكثر فترة ممكنة إلى أن يموت الجسد كله فيموت السرطان معه.
تصريحات رئيس تيار (سائرون) الفائز بالانتخابات الأخيرة مقتدى الصدر مضحكة لدرجة الهستيريا فهو يتخبط كالعادة فهو جزء من الكارثة والفساد الضارب في العراق منذ 15 سنة فتارة يهدد الحكومة التي هو جزء كبير منها كلهم لا حول ولا قوة وتارة ينعق بما لا يعلم فهو يدعو لاجتماع مع تركيا وإيران حول الموضوع وكأن تركيا ستقبل وتهدم السد كي يهدر العراقيين الماء مرة ثانية في غسل سياراتهم وبيوتهم وهدره إلى الخليج العربي دون أي استغلال فلا زراعة لدينا ولا صناعة ولا حتى تحلية مياه ولو بأدنى مستويات.
الحكومة لا تعلق حتى على الإشعارات والبلاغات الرسمية التي تلقتها من الحكومة التركية والتي طلبت منهم أن يملؤوا السدود ومنذ 10 سنوات مضت لكن هيهات منهم السمع فهم مشغولين بالنهب وليذهب العراق بمن فيه إلى الجحيم وهذا ما يحدث الأن بل والقادم أسوء حيث أن الحكومة التركية بدأت فعليا بملء السد وهذا سيستغرق قرابة السنة اعتبارا من الأول من حزيران 2018 فما عسى الصدر وباقي الحكومة فاعلون!
لن يستطيعوا فعل شيء غير التوسل والتضرع بالمدعو "المهدي المنتظر" كما أجاب وزير خارجية العراق العقيم إبراهيم الجعفري ابن أشهر دكتورة إجهاض سري ورتق غشاء بكارة في تاريخ العراق المعاصر. هذا هو اقصى ردة فعل رسمي من العراق تجاه الكارثة الحالية وطبعا الكثير من الشعارات الرنانة والأخبار عن جلسات عاجلة وماجنة للبرلمان المنتهية صلاحيته لمعالجة الكارثة وطبعا كلها ستكون هواء في شبك كالعادة فهذه حكومة أزمات وردود فعل لا حكومة قيادية ووطنية لصياغة عراق قوي.
المثير في الأمر أن مرجعية السكراب في النجف لم تنبس ببنت شفة وهي التي ادعت أن فتوى الجهاد الكفائي هي للدفاع عن العراق ضد تنظيم داعش فهل ما يحدث من تجفيف ليس أخطر من الإرهاب! بل لم تكلف نفسها أن تنتقد اللصوص الذين يقبعون على رقاب العراقيين فالأمر يمس إيران أيضا التي قطعت أحد روافد دجلة وهو الزاب الصغير وقد تقطع الروافد الأخرى أيضا فإيران تواجه أيضا مواسم جفاف قوية في شمالها وغربها.
فلتصمت الأفواه التي تتناقل أخبار مصدرها ليس إلا رسائل واتس اب مضحكة وعقيمة ولم يكلف نفسه أحد من الشعب أن يتابع أي مصدر أخباري دولي معتمد وموثوق فهذا الشعب أدمن الجهل بل وصار يبجله.
فلا السفير التركي ولا أي مسؤول تركي صرح بأنهم سيرضخون لمطالب العراق التي أصلا لم تعلن رسميا فهذه دول لها سيادة ونظام متكامل شئنا أم أبينا ولن ترضخ لحملات مواقع التواصل المضحكة والساذجة إطلاقا. فلنكف عن التسابق في الجهل.
ولا عزاء للأغبياء
Comments