التفكير بما ستؤل اليه الامور بعد الهجوم الإيراني الفاشل بل المضحك على إسرائيل هو الذي سيساهم بشكل فاعل ومُسرّع لخريطة المنطقة سواء السياسية او الجغرافية رغم ان ملامحها قد بدأت بالظهور منذ عدة سنوات وقد اشرت لهذا في عدة مقالات سابقة.
ما يسمى الهجوم الإيراني كان هجوم إعلامي ليس اكثر سبقته الجعجعة الإيرانية المعروفين بها منذ قرون فهي صفة العقيدة المجوسية المتاصلة والتي لم تنصرهم في حرب في تاريخهم ابدا وهذه حقيقة, بل راح زعماء نظام الملالي يحاولون تهدأة الامر ويثبتون ويضمنون لقادة إسرائيل مباشرة بعد دقائق من نهاية الهجوم بان الهجوم قد انتهى وانهم لن يفعلوا اكثر من هذا حفظا لماء وجههم إن ظل شيء من هذا الماء !
اي حرب يتكلم عنها اذن نظام الملالي لما يدعوه " تحرير القدس " وهم لم يستطيعوا شن ولو معركة صغيرة دفاعا عن انفسهم وقتلاهم من ضباط الحرس الثوري الذين تقتلهم المسيرات الاسرائيلية بمنتهى السهولة وفي اي مكان لا سيما بعد مقتل عدة ضباط في غارة صغيرة لبناية اعتقدوا انها سرية بجانب القنصلية الايرانية في دمشق, الضباط الذين يتبجحون بهم وانهم يسيطرون على 4 عواصم عربية وهم لا يستطيعون السيطرة على طائرة مسيرة او تخمين ردة فعل إسرائيل المعروفة بقوة ودقة ردودها والاهم ... قوة حلفاؤها ؟
اي شعارات ظلت لتقنع عاقل بتحرير القدس وهم لم يستطيعوا ازعاج شبابيك الاسرائيلين حتى بل صواريخهم وطائرات لم يصل حتى نصفها الى هدفه, فكلها كانت بلا رؤوس تفجيرية واقصى مافعلته حفرة صغيرة في ارض جرداء لم تخرج حتى الماء الجوفي الذي عادة يخرج اذا ما سقط صاروخ وانفجر على ارض رملية او طينية !
هل " تحرير القدس " التي تبعد اكثر من 2000 كم عن إيران سيتم بهجمات بواسطة طائرات مسيرة من خردة تقنيات القرن الماضي سقطت في طريقها الى " تحرير القدس " ؟ ومن هي الجهة المُستقلة التي تثبت ان نظام الملالي فعلا يملك صواريخ بعيدة المدى وفاعلة ؟
فكل الجعجعة عن مدى وقوة هذه الصواريخ مصدرها إعلام النظام فقط وليس جهة مهنية مستقلة ثم يضخمها او يتناقلها الاعلام الغربي كي يبرر لصانعي القرار في دولهم توجيه ميزانيات تسليح وتسويغ الامر لتحرك اكبر وليس التضخيم لان الصواريخ حقيقية وخطرة.
لم يتضرر من كل هذه الجعجعة واكثر من 300 جسم طائرة بلا توجيه سوى طفلة صغيرة لم تبلغ السابعة من عمرها من عرب النقب اصيب بجروح جراء سقوط جسم احد هذه الصواريخ دون ان ينفجر.
اي تهريج هذا الذي لا يصدقه الا ساذج وجاهل.
حقيقة الصواريخ هذه !
هذه الصواريخ لا تصيب الاهداف على الاطلاق إلا بنسبة دقة تكاد تكون معدومة لانها ذات تكنولوجيا الحرب العالمية الثانية حصلوا عليها عن طريق بعض المهندسين العراقيين الذين ارغموا على التعاون مع إيران بعد احتلال العراق عام 2003 اي انهم بعقلية وكفاء قديمة كذلك عن طريق شراء مخلفات تكنولوجية من السوق السوداء التي تتزعمها المافيا الروسية وبغطاء روسي رسمي, كذلك ان هذه الصواريخ عشوائية ويجري تخمين سقوطها وفق خريطة ورقية نعم خريطة ورقية يتم إسقاط الاحداثيات عليها يدويا اي انها طريقة الحرب العالمية الثانية.
هذه الصواريخ سهلة الاعتراض من قبل منظومات الدفاع الجوي الحديثة لاسيما منظومة القبة الحديدية التي طورتها وتمتلكها اسرائيل حصرا, فهذه الصواريخ او الطائرات المسيرة اولا تطير بارتفاعات واطئة لدرجة امكانية رؤيتها بالعين المجردة وسرعتها لا تتجاوز سرعة الصوت, اما منظومات الدفاع الجوي الحديثة فهي تستمكن اي تحدد وتسيطر على الهدف بمجرد انطلاقه من قاعدته وذلك بواسطة الاقمار الصناعية التي لا تملكها إيران ثم يتم متابعة الهدف بسهولة ثم اسقاطه كذلك بسهولة متناهية.
الصين وروسيا لم ولن تدعم إيران في تطوير برامجها الصاروخية لاعتبارات استراتيجية بعيدة المدى فهذه الدول لن تراهن على نعجة نافقة مكروهة دوليا واقليما, فبموت خامنئي سينفرط عقد الملالي ومن ثم إيران برمتها دون ادنى شك فالعلاجات البريطانية التي ترُسل سراً الى طهران بضمنها اطباء متخصصين لن تمنح المزيد من الحياة للمرشد الاعلى ولا الى نظام خرتيتي متعفن.
لم ولن تعطي روسيا والصين تقنية توجيه الصواريخ واقمارها الصناعية رغم انها تقنية ترجع الى المنتصف القرن الماضي لذلك ايران لا تملك صواريخ موجهة بل فقط غير الموجهة unguided missiles وهذه نقطة مهمة يجب ان ننتبه لها فقد زودت روسيا العراق في منتصف ثمانينات القرن الماضي ابان حربه ضد نظام الملالي بتقنيات صواريخ سكود لكنها رفضت تزويده بتقنيات التوجيه وحاول العراق ان يطور ويطلق الاقمار الصناعية لكنها لم تثمر عن شيء فمجرد اطلاق كبسولة وتثبيتها بمدار لا يعني نجاح المهمة لذلك كانت الصواريخ العراقية التي دكت إسرائيل حينها غير دقيقة رغم وقوع اصابات جسيمة حقيقية لكنها ليست عسكرية ولم تنتج غير تحشيد رأي عالمي ضد العراق ظل يعاني منه حتى إسقاط نظام صدام حسين واحتلال العراق بعد 13 عاما من تلك الضربات وتدميره تماما.
مكانة إسرائيل الدولية وحجم طهران الدولي
إسرائيل لها علاقات متينة بل مصيرية مع الدول العظمى كذلك جميع دول اوروبا الكبيرة والصغيرة على حد سواء كذلك دول امريكا الوسطى واستراليا والهند بالاظافة الى دول اسيوية مهمة مثل اليابان وكورويا الجنوبية ومَن يظن ان روسيا والصين ستقف مع إيران فهو مخطأ فهذه الدول تعرف وتعلم علم اليقين من الذي انشأ وجاء بنظام الملالي هذا وماهي مهمته الحقيقية واتصالاته المريبة مع إسرائيل والغرب لا سيما الولايات المتحدة وفرنسا.
ساعرج على نقطة مهمة في الاستراتيجيات الدولية من المهم ان نفهمها وهي ان نظام الملالي يفهم جيدا ان اي تقارب له مع العرب سينهيه تماما كما حدث مع الشاه الذي كان حليف الغرب بل شرطيهم في المنطقة لكن عندما بدأ بالتقارب مع العرب لا سيما مع العراق انهي فورا فالغرب لايريد اي تقارب بين العرب والفرس هذا خط احمر, وفي نفس الوقت لاتريد الصين وروسيا خسارة العرب, هنا نرى كيف انها معادلة جهنمية قد يكون من المُحال حلها او الجمع بين اقطابها, لكن برايي ان الكفة تميل تجاه تفضيل الصين وروسيا التقارب مع العرب على دعم إيران حيث ان العرب يعني المسلمين وهذا امر في غاية الاهمية لا تود هاتين القوتين خسارته بعد ان خسرها حلف الناتو الذي يسعى الان لاستعادتها رغم صعوبة الامر.
إسرائيل ولانها تعلم ماسيفعل نظام الملالي جمعت وحشدت قوى غربية عديدة ضد إيران مباشرة بعد هجمات 7 اكتوبر وسيكون التحشيد اكبر الان حيث ان إسرائيل لطالما لعبت دور المظلوم وحشدت الدعم الدولي لصالحها وهذا هو سرها حتى قبل قيامها عام 1948 وذلك في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي قدمت نفسها على انها "دولة يحيط بها اعدائها" فجذبت الدعم الدولي السخي بل الغير محدد وبالمقابل لا يثق الغرب بحليف إلا باسرائيل في المنطقة ومن يعتقد ان قبائل مثل ال سعود وال ثان وال نهيان تعتبرهم امريكا والغرب حلفاء فهذا غير صحيح, فرق كبير بين حليف وعميل.
الوضع او الخريطة الان
إسرائيل تعرضت لهجومين الاول دامي يوم 7 تشرين الاول / اكتوبر 2023 والان من قبل نظام الملالي رغم فشلة بالكامل اي انها حصدت على تاييد دولي ليس فقط للدفاع عن نفسها بل لتوسيع حدود امنها الاقليمي والمحلي وهذا جُل الامر فاسرائيل يجب ان تتوسع قبل تغير ميزان المنطقة لصالح الصين وروسيا بالكامل لذا هي تسابق الزمن وإلا فانها ستنتهي فعلا وطبعا لن يسمح الغرب بهذا على الاقل في المدى المنظور.
كذلك يجب ان نعلم ان المنطقة برمتها وبغباء إيراني طبيعي تاريخيا, صارت المنطقة بل دخلت في عصر الضعف الذي لم تشهده منذ قيام دولة اسرائيل عام 1948 بالفعل اي منذ فترة مابعد الحرب العالمية الثانية الامر الذي ساعد حينها على قيام دولة إسرائيل.
الان اسرائيل خلقت هذه الظروف او لنقل حلفاؤها خلقوا هذه الظروف بدءا من احتلال العراق عام 2003 ثم تركيع مصر (هذين البلدين هما الاقوى عربيا دون منازع) والى الابد بواسطة نظام عديم الخبرة المتمثل بضابط ليس لديه اي خبرة حتى في قيادة معركة صغيرة وجاهل بالاستراتيجيات بالاضافة الى الاقتصاديات احاط نفسه بمصفقين ومؤيدين لا محترفين فادخل مصر بديون وشلل اقتصادي ابدي على الاقل لنهاية هذا القرن.
فمن هو اقوى من إسرائيل في المنطقة بعد ان اثبتت إيران للعرب المحيطين بها انها دولة شر وانها تريد نشر عقيدتها فبدأت تصبح إسرائيل المُخلّص و صاحبة الحل الوحيد وان كان غير مثالي!
عقلية العصور الوسطى التي تحكم إيران لاتدرك معنى الاستراتيجات فاعتنقت عقيدة الثأر التاريخي والديني لتصبح بعبعا على ضعفاء وليس على اقوياء فلو نظرنا الى هذه القبائل فهي ليست دول فليس لديها اي جيش ولو متوسط له انجازات ملموسة فهم مجرد اسواق تصريف اسلحة غربية متقادمة وبالية, فال سعود لم يستطيعوا الانتصار على عصابة الحوثي البدائية بعد اكثر من 10 سنوات حرب تكبدوا فيها مليارات الدولارات دون اي نصر يذكر شاركهم فيها قبيلة ال نهيان وانفرط العقد والان يتقاتلون فيما بينهم كذلك باقي القبائل, اذن ايران هي نمر من ورق اي ... حرقه مسالة وقت.
قد تبدأ بأي لحظة بخطى واثقة عملية ضرب إيران من قبل إسرائيل بدعم امريكي – فرنسي ليس شرطا بعمليات عسكرية مباشرة وان لا استبعد قيام اسرائيل ببعض العمليات النوعية كهذه لكن كنتائج ما بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل فحتما لن تستكت اسرائيل ولا حلفاؤها ولا الوضع سيبقى على ماهو عليه بل انه بمثابة تأكيد ودعم دولي لاسرائيل للتقدم اكثر وهذا ما كانت إسرائيل تعمل عليه بكد بعد معارضة من عدة دول غربية التي حتما ستتحول من معارض الى داعم بعد مغامرة الصواريخ والمسيرات لنظام الملالي, اي انه قدم خدمة تاريخية لاسرائيل.
وفر الهجوم الايراني الاخير دعم اكبر واقوى لنتنياهو وحكومته في الداخل فالخلافات ستخمد اكثر بعد ان يستخدم نتنياهو هذا الهجوم سياسيا لاقناع الشارع الاسرائيلي بانهم في حالة حرب ويجب الانتصار فيها ولا وقت لا لانتخابات ولا لاحزاب المعارضة هذا ان لم تكن احزاب المعارضة اشد قسوة على مجريات الاحداث وعلى الفلسطينين من نتنياهو وحكومته نفسها إن هي ربحت الانتخابات.
ما تسوقه وتحذر منه قنوات اعلامية على ان اي ردة فعل إسرائيلية ستجر المنطقة الى حرب هو خوف على مصالح واجندات اكثر منه حفاظا على سلام شعوب المنطقة, تطلق هذه المخاوف وتضخمه دول مثل الصين وروسيا لانه ببساطة سيصعب استراتيجياتها في المنطقة ويعلمون علم اليقين ان هذه الزعزعة تخدم اسرائيل وحلف الناتو فهي وسيلة ناجعة لقطع مشروع الطريق والحزام الضخم وهذا هو صلب الموضوع الذي ابتدأ عام 2003 باحتلال العراق وقلبه الى فوضى عارمة مازالت مستمرة الى هذه السا عة.
تحيتي
コメント