سيد الشرق الاوسط الجديد
- رياض بـدر
- 15 يونيو
- 6 دقائق قراءة

كتحليل اولي للعمليات الجوية الإسرائيلية الغير مسبوقة ضد نظام ملالي طهران مدعوم بنتائج الضربات على الارض سواء تلك التي اعترف بها نظام طهران او التي سجلت عينا عن طريق وكالات اخبار رصينة تعمل بشكل رسمي على الأرض داخل إيران سنجد التالي:
أولا: إسرائيل قصفت جميع البنى التحتية المرتبطة بالإنتاج العسكري الإيراني سواء النووي او ما يتعلق ببرنامج الصواريخ بعيدة المدى (من جيل V2 وهو اول جيل وطوِر من قبل النازيين في بدايات الاربعينيات من القرن الماضي) في الضربة الأولى حصرا وجعلتها خبرا بعد عين وهذا تكتيك متعارف عليه عند الجيوش المتقدمة كي لا يتم تدارك او انقاذ ما يمكن إنقاذه, فيجب ان نعلم ان قصف هدف ما يكشف عن خطط العدو في الاستهدافات فيُمَكنْ صاحب الأرض من تدارك او حماية بعض الأهداف وهذا ما منعته إسرائيل فضربت جميع اهداف البنى التحتية في وقت واحد. (قد تبقى اهداف بنى تحتية أخرى يتم قصفها فيما بعد وهذه اهداف ثابتة أي لا يمكن حمايتها او نقلها او اخفائها).
هذا الامر يعني ان إيران بلا اي ذراع طويلة لتضرب بها وما لديها الان من صواريخ هي مصنعة من قبل سينفذ حتما فالإنتاج توقف تماما منذ الضربة السابقة لهذه الضربة للعلم ولم يتوقف الان.
ثانيا: تطلق إيران الصواريخ عشوائيا وهستيريا واغلبها يسقط في الطريق سواء على بادية الأردن او في سوريا والذي يصل منها لإسرائيل فهو يسقط هنا وهناك ولم ولن يدمر اهداف عسكرية او حيوية لإسرائيل انما مدنية حصرا وهذا يصب في مصلحة إسرائيل وليس العكس، بل يراودني شك بان بعض الصواريخ الإيرانية لم يتم اعتراضها كي تزيد من تأييد الإسرائيليين لنتنياهو في الحرب بالإضافة الى ان اشتعال حرب معناه وجوب الوقوف سوية ضد العدو, فان دقة مقذوفات الدفاع التابعة للقبة الحديدة نسبة النفاذ منها قليلة جدا فهي دقيقة لدرجة 90 – 95% كما بينت الاحداث سواء ما قبل حرب غزة او بعد اندلاعها حتى تم اسكات مقذوفات حماس بشكل نهائي.
ثالثا: القصف الاسرائيلي لمكامن قوة نظام الملالي استمر ليومين متتاليين (لحد كتابة هذا المقال) فقد تم قصف اكثر من 150 هدفا لغاية ظهر اليوم, هذا الكم من الاهداف يشير بدقة الى حجم الدمار الذي لحق بقدرة نظام الملالي (يفهمها بدقة من لديه خبرة عسكرية فعلية فقط) بالإضافة الى الضربات السابقة العام الماضي حيث تم فعليا كسر ظهر قوة النظام الايراني الصاروخية حيث لم نرى بعدها ان ايران إلا مطيعة وتحاول التفاوض ولم تطلق صواريخ بل حتى مساعداتها للحوثي توقفت وصار الحوثي يطلق صواريخ اقل بل اقل من صاروخ في الأسبوع وتوقفت هجماته على السفن في البحر الأحمر, (اخذين بعين الاعتبار تدمير جميع مخازن ومفاصل الصواريخ في اليمن) فايران علمت ان ما لديها بالكاد يكفي لحفظ ماء الوجه على المواجهة القادمة فتصنيع الصواريخ انتهى فعليا.
رابعا: الفيديوهات التي نشرها الجيش الإسرائيلي لقصف منصات الاطلاق نلاحظ ان غالبيتها ان لم يكن جميعها هي منصات متحركة وهذا يعطي دلالات كثيرة منها, ان نظام الملالي لا يدري ويتخبط ما عساه فاعل, فاصغر جندي في اصغر جيش بدائي في العالم يعلم ان منصات الاطلاق المتحركة هي هدف مكشوف وسهل للطائرات وحتى لو انطلق الصاروخ فانه مستمكن اي سيتم اسقطاه فورا كذلك تدمير المنصة. انها خطط الحرب العالمية الثانية وليست خطط عالم اليوم حيث الأقمار الصناعية المتحركة التي ترصد دبيب النمل, فيثبت لنا هذا المشهد ان نظام الملالي لا يملك سوى هذه الذراع وبترها يعني نهايته فهو لا يملك أي سلاح اخر فحتى ميليشياته خارج ايران تلفظ أنفاسها الأخيرة.
المنصات المتحركة عادة ليست كثيرة وان بلغت العشرات فصيدها سهل جدا كما ذكرت, فنظام الملالي لا يملك منصات سرية على الاطلاق وان ادعى هذا فهو يقصد مخازن وليس منصات فمنصات الاطلاق السرية او التي تحت الأرض لا تملك تقنيتها ايران بل لا يملكها سوى دول عظمى او متقدمة جدا وهو امر مقتصر على الغرب حصرا. اما ما اظهرته ايران قبل اشهر من انها تملك مدينة صواريخ تحت الأرض ومنصات اطلاق سرية فالامر لا يخرج عن كونه دعاية لا اكثر اثبتتها الضربات الأخيرة وستثبت قادم الأيام ان ايران لا تملك اكثر مما أظهرت.
خامسا: اسرائيل قتلت بسهولة متناهية شخصيات الصف الاول من القيادة العسكرية في إيران جميعا دون استثناء. قبل ان نخوض في هذا الامر علينا ان نعي امرا في غاية الاهمية، هو ان إيران ليس لديها جيش نظامي فعلي، فمثلا لا نجد ان وزير الدفاع الايراني كان له دور على الأرض لا سابقا ولا حاليا ولا حتى اعلاميا فهو نادرا ما يخرج بتصريحات او حتى دور عسكري بارز في الحرب، ولا أقول انه جيش غير موجود فعليا بل اقصد انه قوة ثانوية وضعيفة لدرجة الضحك فقد تم تدمير هذا الجيش من قبل الجيش العراقي مابين عام 1980 الى 1988 وجعله شيئا من الماضي.
انما إيران تتبجح بما يسمى الحرس الثوري وهي نظام ميليشيات وليست جيش نظامي وما نشاهده دائما من تهديدات رنانة فارغة هي فقط لقادة هذه المليشيا وقد تم تصفيتهم وهم في فراشهم بل لم يستطع أحد منهم الوصول لمكتبه او غرفة العمليات بل الادهى انهم لم يعرفوا حتى بان الحرب قد بدأت.
تصفية علماء نوويين أثر بالفعل ولن تستطيع إيران إنجاب غيرهم على الاقل في العشرين سنة قادمة هذا ان ظل نظام الملالي على قيد الحياة اخذين بعين الاعتبار ان إيران بنت ما بنته قبل العقوبات الاقتصادية بمدة طويلة كذلك اعتمادا على سرقات العقول العراقية بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 فيما يخص البرنامج الصاروخي بالذات. سادسا: لم تقصف مطارات عسكرية لانها متهالكة والاهم ان ايران لاتملك اي طائرات تستطيع الوصول لابعد من الحدود العراقية فهي لاتملك سوى طائرات قليلة جدا من طراز اف 4 ايضا اف 5 وهي طائرات الجيل الثاني اي نهايات الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي لدرجة انها لاتستطيع الطيران طويلا حتى.
المشهد
بنظرة سريعة وشاملة لخريطة الاهداف التي ذكرتها سنرى ان اسرائيل دمرت البنى التحتية العسكرية لنظام الملالي في طهران كذلك اي فرصة مستقبلية لبناء او معاودة تصنيع اي شيء ناهيك عن شل نظام الملالي عن الرد على اسرائيل، لكن رب سائل يسئل, لكن ايران ترد الان !
نعم ترد بما تبقى لديها من صواريخ بدائية مصنعة من قبل، فكيف ستستمر، فسر الانتصار في الحروب هو شيء اسمه ادامة الزخم.
هذا ما فعلته اسرائيل، وصرحت به علنا، انها قضت على الزخم الذي من الممكن ان يجعل نظام طهران يستمر بإطلاق الصواريخ لأيام قادمة.
غدا . . . . !
"سنضرب كل موقع وكل هدف لنظام آية الله، وما شعروا به حتى الآن لا يعد شيئا مقارنة بما سيتلقونه في الأيام المقبلة "
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
هناك امر هام جدا نجحت فيه إسرائيل بالإضافة الى ضرباتها الجوية وهو حشد الموقف الدولي مع اول ساعات الضربات الجوية، فالدول العظمى ايدت حق إسرائيل سواء في الضربة الاستباقية (الضربة الاستباقية حق للدول بالأخص الدول العظمى ومنها ما هو مكتوب في عقيدتها العسكرية أيضا وكان الجيش العراقي السابق يتبع هذا النهج فضرب الجيش الإيراني عام 1980 حينما استبقه بهجوم شامل مباغت لكسر ذراعه) وهذا امر جعل نظام الملالي يُصدم فعليا فهو توقع ان يعقد مجلس الامن الدولي جلسة قد يطلب فيها وقف اطلاق النار او على الأقل موقف مبدئي يحفظ لإيران ماء وجهها, لكن . . الدول المسيطرة على السياسة الدولية بضمنها روسيا والصين لم تحرك إصبعا لإيران الامر الذي أسقط نظام الملالي سياسيا فلم يجد له من داعم او معين. (لي راي بسيط في هذا، وهو ان ترمب لعب لعبة مخادعة لصالح اسرائيل بجره لإيران الى مفاوضات ثنائية بعيدا عن روسيا والصين الامر الذي جعل الأخيرتين يغضبون فعلا كما حدث مع بشار الأسد فتخلوا عنها، فتظاهرت إسرائيل بانها على خلاف مع ترمب ونشر الجانبين انتقادات متبادلة اوهمت نظام الملالي بان لديهم فرصة طويلة الأمد، بل حتى موضوع موعد زواج ابن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو فلم يكن سوى تمويه لطمأنة إيران فاذا بموعد الزواج يتأجل بعد بدء العمليات الجوية).
لقد ذكرت في مقالات سابقة قديمة جدا بان مَنْ يظن ان روسيا او الصين ستدعم نظام خرتيتي مثل نظام الملالي فهو واهم فروسيا لن تقامر على نعجة نافقة ابدا وهي تعلم ان نظام الملالي يغرق وسيفعل أي شيء لينجو بنفسه لا ليسبح في بحر السياسة الروسي او الصيني.
إسرائيل وكذلك بقية دول العالم المتقدم يعلمون ان غالبية الدول العربية ستهلهل فرحا وطربا لضرب نظام الملالي بعد ما فعلته إيران بدول مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان من تدخلات طائفية سافرة، لذا لن تفعل الدول الغربية ما يغيظ هذه الشعوب أكثر اخذين بعين الاعتبار موقفها الان من حرب غزة. أي بمعنى ادق، الغرب بدأ يشعر ان العرب جاهزين حقيقة للسلام مع إسرائيل ان ساعدوهم في القضاء على نظام الملالي في طهران وقد بدأ شيئا من هذا القبيل في سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد الذي يعتبر نظام شيعي تابع لإيران.
حرب مفتوحة
المسؤولون في إسرائيل يتكلمون عن عمليات جوية قد تستمر لأسابيع وهذا الامر حتما سيعجل بانهيار نظام الملالي، فهذا نظام يترنح تحت العقوبات الاقتصادية القاسية ناهيك عن الرئيس الأمريكي ترمب يبحث عن نصر خارجي قوي فقد بينت تصريحاته ومواقفه من إيران بانه يريد ان يغير شيئا او ان إيران ستتغير جراء تعنتها.
تهديد إيران لمصالح دول عظمى في المنطقة فقط لأنها داعمة لإسرائيل غير جدي فهي تعلم ان أي مساس باي قاعدة عسكرية تابعة لحلف الناتو ستعني مسح إيران من الخريطة خلال ساعات، لكن تعودنا على هذه التصريحات العنترية منذ عقود وبالضبط منذ استيلاء نظام الملالي على الحكم في طهران عام 1979 ولغاية الان.
فالدول العظمى لا سيما فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة بدأت فعليا بدعم لوجستي وتقني لإسرائيل ومنذ الساعات الاول لحرب غزة ولم يتوقف بل إزداد لأنها, اي اسرائيل, أصبحت قوة يُعتمد عليها وموثوقة أي أصبحت حائط صد متين لها يستطيع القيام بمهامه مستقبلا إذا ما استدعت المواجهة امام الصين وروسيا في أكثر مناطق العالم حساسية ألا وهي بوابة الشرق الأوسط التي لطالما دعم الغرب فيها من يحمل اعبائها ابتداءً من شاه إيران محمد رضا بهلوي مرورا بصدام حسين واليوم أصبحت إسرائيل تتبوأ هذا المنصب.
تحيتي
Comments