قبل سبعة وعشرون عاما وفي مثل هذا اليوم تغيرت خارطة العراق والمنطقة بل والعالم لسبعة أشهر بعد الغزو العراقي لدولة الكويت وهرب اميرها وباقي حاشيته الى المملكة العربية السعودية بسياراتهم عند الساعة الرابعة فجر يوم الخميس المصادف للثاني من آب لعام 1990. كُتب الكثير عن هذا الحدث الغريب وادعى من ادعى انه يعرف سراً ما وكذب من كذب وظلل الملايين بقصص خرافية لم تحدث قط. كجندي شاركت في تلك العملية في ادق تفاصيلها من يوم التحضير السري لها والى يوم تنفيذها بل وحتى ما بعد نهاية المعارك البرية حتى عدت الى بيتنا غير هاربٍ كبقية الالاف من الجيش وانا استذكر تلك الليلة المشؤومة أتمنى ممن يدعي ويتكلم عن هذا الحدث ان يصمت وإلى الابد ولا تقل للناس انك كنت تعلم وتدري فانت لم تكن تعلم ولا تدري فخطة غزو الكويت لم يكن يعلم بها إلا اشخاص معدودين على أصابع اليد الواحدة فقط وقد فارق الحياة الان اكثرهم ومن بقي فقد اختفى بين طيات الزمن. لا تسرد قصص خيالية كي تكون بطلاً فانت لا تعلم ما حدث خلف الكواليس وكن صريحا مع نفسك فانت كنت على بعد مئات الكيلومترات من منطقة الحدث وطاولات القرار واذكر هنا بعض الأمثلة للكذابين أمثال المدعو سعد البزاز ولطيف يحيى الذين خانوا العراق والان يتظاهرون بالوطنية ويظنون ان التاريخ ينسى او يرحم ولا استثني الكثير من الكُتاب العرب وخصوصا الكويتيين الذين كانوا في ملاهي القاهرة ودبي واوروبا وقت حدوث الغزو. فسعد البزاز ألف قصصاً من نسج خياله إن كان له خيال أصلا وادعى ما ادعى لدرجة انه ادعى وجوده في أحد الاجتماعات التحضيرية للغزو وهذا لم يحدث قط فهو ليس من ضمن القيادة العسكرية ولا الحزبية ولا حتى الأمنية بل وحتى هذه القيادات كانت لا تعلم أي شيء عن تحضيرات الغزو فكما اسلفت ان خطة الغزو كانت بين اشخاص معدودين وكانت من أكثر العمليات سرية في تاريخ الجيوش باعتراف حلف الناتو نفسه والمخابرات المركزية الامريكية والتي لم تكن تتوقعها قط رغم تجسسها بالأقمار الصناعية على القوات العراقية بعد اشتعال فتيل الازمة بين العراق والكويت منذ آذار عام 1990. فلكل باحث عن الحقيقة أقول له يا ليتنا ننسى ونطوي تلك الصفحة ولا ننجرف وراء القصص الخيالية من هذا وذاك فالسِرُ قد دُفن مع صاحبهِ والاحياء الموجودين الذين خططوا لم ولن يتكلموا فالجندية فعلٌ لا ينتهي بمرور الأيام انما يبقى الى القبر إن لم يكن بعده حتى. كل كتاب كُتبَ وادعى انه يملك اسباب تلك العملية على الاطلاق غير صحيح بلا استثناء وان كان ضابطا في الحرس الجمهوري وقد أحزنني ان أحد هؤلاء الضباط الذين أكنُ الاحترام الكبير له واشهد له بالصدق والوطنية والمهنية حينها قد غالى في كتابه عن تلك العملية وادعى ما ادعى رغم انه لم يعلم بموعد الغزو الا قبل ساعات قليلة فقط حاله حال باقي امري الوحدات والتشكيلات المشاركة في عملية الغزو واُذكِرهُ باجتماع منضدة الرمل في مقر قيادة قوات الفارس الحرس الجمهوري يوم 30 تموز عام 1990 ولم تكن الأوامر الصادرة له إلا فقط التي تخص وحدته العسكرية دون ان يُسمح له بالسؤال اطلاقا عن ما الهدف ولماذا فالعسكرية شعارها نفذ ولا تناقش. أتمنى وبرجاء أخوي من كل العراقيين وغير العراقيين الباحثين عن الحقيقة ان لا يبحثوا عنها في صفحات رخيصة ومواقع لا يدرون حقيقة من ورائها ولو كان معروفا فليسالوه اين كنت وما منصبك قبل واثناء الغزو! وستجدون المفاجأة انه لم يعلم بالغزو إلا من شاشة التلفزيون فقط في صباح اليوم التالي حاله حال بقية القيادة العسكرية والحزبية والأمنية في العراق حينها بل كما هو معلوم ان لا وزير الدفاع ولا رئيس اركان الجيش كان لهم أدنى علم بالغزو ولا حتى التخطيط له اطلاقا وما يدعيه من يدعي بمعرفة اسرارها وهو لم يشارك حتى بها ليس إلا لكسب الاعجاب الفارغ فقط والاثارة الرخيصة.
عملية غزو الكويت كانت وستظل عملية سرية واسبابها ودوافعها ستُدفن مع العقل المدبر لها والمنفذين ولن يغير الارتجال والتقول على تلك العملية من الحقيقة شيء او يجعلها تظهر فحتى حُكام الكويت حينها والى الان أنفسهم لا يدرون لماذا تم غزو الكويت.
واخر كلامي لمن ينعق بما لا يعلم ولا يقول إلا الظنون ان اصمت خيرٌ لك فقد فات الى اليوم سبعة وعشرون عاما وكل ما قيل عما يسمى اسرار وأسباب غزو العراق للكويت التي تدعي معرفتها دونا عن العالم وحلف الناتو ومخابراته اتضح مع مرور الزمن انه كان محظ افتراء وقصص خيال لا أكثر لأسباب رخيصة فقط بل ومضحكة حتى، فانت لا تعلم ما جرى على ارض الواقع اطلاقا.
طوبى لشهداء الجيش العراقي الوطني السابق
ولضباطه وجنوده البواسل ألف تحية
رياض بدر
Коментари