بقلم رياض بدر
الهجوم الكيماوي الروسي – السوري على الدوما لن يمر بلا جواب وهذا امرُ مفروغ منه لكن المهم هو كيف أو طبيعة الرد كيف ستكون فلا أحد في الأفق يريد منع الرد بل لم يتكلم به أحد حتى الأمم المتحدة فالمجتمع الدولي يبدو انه مرتاح لرد الفعل وسيؤيده حتما مهما كان فروسيا تم تسقيطها سياسيا في مجلس الأمن بعد أن استدرجها حلف الناتو لاستعمال الفيتو ضد قرارات تعتبر إنسانية وضد نظام بشار الأسد وهذا هو المطلوب فقد كانت روسيا ضد التمديد للجان حظر الأسلحة الكيماوية والتفتيش عنها ثم ها هم يريدون لهذه اللجان العودة مع إضافة شروطهم فكانت فعلا فضيحة سياسية.
يجب أن نعلم بان الرد هو ضد روسيا أولا وليس ضد نظام مهترئ هزيل منتهي الصلاحية منذ سنين مثل نظام بشار الأسد لكنه يقف على قدم روسية بحته مع مساعدة طائفية توسعية من نظام ملالي طهران المتداعي أصلا.
إذن عندما يكون لديك رد فيجب أن يكون دولي وليس فردي فسياسة تسقيط الدور الروسي عالميا بدأت منذ فترة ليست بالقصيرة اشتدت بعد محاولة اغتيال الجاسوس الروسي في بريطانيا سيرغي سكريبال والتي جعلت الدبلوماسية الروسية في اردء أحوالها منذ الحرب الباردة في حقبة الاتحاد السوفيتي المنهار. ثم لم يكد بوتين أن يتنفس الصعداء ففاجأه الحلفاء برد قد يكن عسكريا حسب تصريحات ترامب والرد سيكون هذه المرة من ثلاث دول إضافة لأمريكا وهي بريطانيا وفرنسا وقد يكون الرد بدأ أثناء كتابة هذه السطور.
الغرض من الرد الثلاثي هو لضمان تسقيط روسيا داخليا وخارجيا فروسيا لن تستطيع مهما فعلت أن ترد على ثلاث دول عظمى إطلاقا فهذه الدول تملك ترسانة اقتصادية مهولة بل تتحكم في مصير الاقتصاد العالمي عن بكرة أبيه ثم ترسانة عسكرية لا طاقة لروسيا عليها فأمريكا وبريطانيا وفرنسا تملكان طائرات متقدمة جدا تستطيع أن تغطي الكرة الأرضية وشبكة أقمار صناعية تستطيع تسقيط أي اتصالات لأي دولة وتمتلك حلفاء يحيطون بروسيا حتى داخل روسيا نفسها بل تستطيع هذه الدول أن تسحب البساط من تحت أذرع روسيا مثل إيران, فايران تقف أولا خارج حدودها على أرضية تعتقد أنها واثقة منها وهي الأرضية العراقية في حين أن الحكومة العراقية لا تملك حتى ميزانية تدفع فواتيرها أو رواتب موظفيها إن قرر الأمريكان قطعه بل تستطيع أن ترمي بالحكومة بمجرد إيميل صغير وهذا ليس مزاحا أو تضخيما بل هي الحقيقة فهي الآمر الناهي في العراق وليس ايران أي تستطيع أن تقطع دابر ايران بلحظات.
هناك حلفاء ينتظرون الإشارة مثل المانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي هناك حلفاء نائمون في أسيا وهؤلاء اسميهم نائمون أي انهم لن يقفوا تماما مع الناتو لكن لن يقفوا بالتأكيد مع روسيا أي أنها ارض محروقة للروس وكوريا الشمالية لا تريد أن تزعج القمة المرتقبة بين كيم جونغ أون ودونالد ترامب وتركيا لن تقف مع الروس ضد الناتو عسكريا فهذا معناه نهاية اردوغان الذي يصارع من اجل البقاء جراء تداعي الاقتصاد التركي الذي بدأ السنة بانهيار الليرة العثمانية التي وصلت إلى مستويات متدنية غير مسبوقة ولا يبدو عليها أنها تستطيع التعافي أبدا مهما كانت الإجراءات.
فهل تريد أو تفكر روسيا برد نووي إذن هي نهاية الجميع وهذا ما لن يفعله المتشبث بالمجد والحياة مثل الروس.
المستنقع اصبح واضحا الأن والذي كان يخشاه بوتين وهو المستنقع السوري وقد صرح يوما في بداية التدخل الروسي في سوريا بانه لن يدخل في مستنقع أفغانستان مرة أخرى لكن يبدو انه دخل بل سيكون أسوء من مستنقع أفغانستان فالروسي لن يخرج منه على قيد الحياة فخروجه معناها نهاية حلمه السياسي في الداخل الروسي وبقائه معناه استنزاف سياسي أولا ثم اقتصادي فحلفائه مفلسين ولا يستطيعون دفع لقمة عيش شعوبهم على العكس من حلفاء الناتو فكلهم أغنياء مثل حلفاء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا هم دول الخليج وهذه دول غنية جدا لدرجة أنها تستطيع تمويل حرب سريعة كما فعلت في حرب الخليج الثانية وغزو العراق.
ماذا بقي للروس من أدوات للرد على الناتو! لم يبقى أي شيء عدا الاصطدام النووي وهذا لن يكون إطلاقا فالذين حول بوتين سيفضلون اغتياله على إعطائه الحقيبة النووية فمن حوله هم مافيات يفكرون في المال لا في الوطن والشرف.
إذن الرد سيكون تاريخيا ليس شرطا أن يكون عسكريا واسعا أبدا رغم أن ملامحه تبدو هكذا لكن الغرض منه تسقيط روسيا سياسيا وليس عسكريا ولن يكون هدفه الاستحواذ على ارض محروقة أصلا في سوريا فاخر هم الناتو هو قطعة ارض منتهية الصلاحية لكن الهدف الروسي من موضع قدم بالقرب من إسرائيل هذا ما لن يكون ابدأ فإسرائيل ليست دولة ضعيفة ووحيدة وتضرب وقت تشاء كما فعلتها في الثمانينيات في تدمير مفاعل تموز العراقي عام 1981 وأيضا على مدار العشر سنوات الأخيرة داخل سوريا كذلك قبل أيام وقلبت عاليها سافلها بل ولم تعترف بعد بتدمير قاعدة T4 التي يبدو أنها تحولت إلى خردة على من فيها حيث كانت مقر قيادة واتصال للروس والإيرانيين وكان هذا جزء من الرد وليس ردا منفردا فالجزء الثاني من الرد سيكون خلال ساعات أو دقائق فقط.
روسيا لا تستطيع الدفاع عن سوريا وإيران وتركيا وعن نفسها في نفس الوقت ضد العالم كله.
Comments