يبدو ان إسرائيل حققت غالبية أهدافها في لبنان بعد تصفية الخط الأول والثاني وحتى الأخير من قادة حزب الله في لبنان لدرجة جعل الأمين العام للحزب المنتخب خفية قاسم نعيم يفر الى إيران ويطلق التصريحات من هناك ولا استبعد ان إسرائيل تخطط وتعمل لتصفيته هو أيضا فما بين سطور تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة ما يشير الى ذلك بالإضافة الى تصريحات وزير الدفاع يواف غالانت قبل اقالته ما انه، أي نعيم قاسم سيكون مؤقت.
أصبح الجيش الإسرائيلي يتمختر طليقا على ارض الجنوب اللبناني ويضرب ويهدم قرى بأكملها دون رد وخسائره قياسا بخسائر معركة تعتبر متدنية جدا فهي اقل من 1% من القوة المشتبكة في حين تخبرنا النسب الطبيعية في الاشتباك ان تصل الى 25% لان الهدف مهم ويستحق التضحية ولا نصر بدون تضحيات جسيمة، بالإضافة الى الغارات الجوية التي تغطي لبنان بالكامل وتصفي من تريد دون حتى إطلاق صفارات انذار من قبل الدفاع المدني اللبناني ولسان حالهم يقول " مرحبا بكم ".
اذن المشهد هو ان لبنان ساحة تدريب قياسية للجيش الإسرائيلي الذي لم يلقى فيها ردا يستوجب معه شن حرب شاملة قياسا بما حققه لحد الان من تصفية وشل لإمكانيات حزب الله تماما بل حتى تصريحات حزب الله أصبحت قليلة ولا تنم إلا عن تخبط شامل والاهم؛ انها لا تقنع مؤيديه حتى الذين فروا جميعا دون مواجهة الى الشمال والى دول أخرى مثل العراق وهم الذين كانوا يهتفون لسنين طويلة لحسن نصر الله " سنخوض البحر معك".
بدأت الاخبار تشير الى ان إسرائيل رسميا عرضت هدنة او اتفاق لو قف اطلاق النار وذلك عن طريق الولايات المتحدة على لبنان مع قدوم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب الذي بدأ يكشر عن انيابه حول رؤيته للحرب والسلام في المنطقة (لا ادري كيف فهم العرب والمسلمين ان ترمب سيعمل لتنفيذ احلامهم وطلباتهم) بتعيينه سفيرا متشددا لإسرائيل لدى الأمم المتحدة وهو مايك هكابي الذي اطلق اول تصريح مزلزل اليوم قبل حتى ان يتسلم منصبه رسميا حيث قال "ان الولايات المتحدة قد تدعم ضم الضفة الغربية الى إسرائيل" وهو التصريح الذي اطلقه قبل أيام وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش ضد المجتمعين في السعودية فيما سمي القمة العربية الإسلامية الغير عادية في الرياض, فارتعدت فرائصهم بعد ان تيقنوا من ان هناك بالفعل خطة دولية تم اعدادها من قبل والان بدأ تنفيذها بإطلاق التصريحات اولا. بل تبين ان الخطة المعدة مسبقا هذه ستلقى دعما أمريكيا وبالتأكيد دوليا كذلك مهما كانت الاختلافات فهي ليست خلافات. فلنتخيل مشهد فيه العرب يتلقون الصفعات قبل حتى ان يفتحوا اعينهم موهمين شعوبهم بأنهم في موقع قوي او مسيطر او حتى فيه شيء من الكرامة.
تزامن هذه التصريحات لضم الضفة الغربية لإسرائيل مع عرض اسرائيل وقف إطلاق النار على لبنان (بشروط متهاودة) قد يكشف عن امر جلل.
الداخل اللبناني يغلي ضد حزب الله من جهة وبين الفرقاء من جهة، ولنعي موضوع في غاية الأهمية وهو، كيف ينظر حزب الله الان للبنانين وكيف ينظر مؤيدي حزب الله ولنقل الشيعة لباقي اللبنانيين بعد الهزيمة النكراء التي اسقطت ماء الوجه!
العلاقة المتوترة أصلا اينعت وأصبحت متفجرة والحوادث الصغيرة المتفرقة التي حدثت منذ بدأ النزوح لا تشير الى امر محمود، بركان ينتظر الانفجار فما الذي يؤجل انفجاره!
لبنان كله منشغل وعينه على إسرائيل خوفا من اجتياح كبير لكن إذا ما إسرائيل اثبتت ان ليس لديها النية في اجتياح لبنان بل ان لديها النية في وقف لإطلاق النار ووقعت بالفعل هدنة وسحبت قواتها من الجنوب، فقد يجعل هذا الامر اللبنانيين ان يبدأوا عملية تصفية الحسابات من خلال ردات فعل عنيفة بل مسلحة, حيث ان غالبية اللبنانيين يُحّملون حزب الله ومؤيدي حزب الله ما يجري من تدمير لهذا البلد المسكين فعلا بسبب سياسات حزب الله الإيراني وباتوا اليوم أي غالبية اللبنانيين لا سيما في الوسط والشمال يعون جيدا ان حزب الله اصبح بلا انياب.
اخذين بعين الاعتبار ان الحكومة اللبنانية التي يترأسها شخص مريب جدا ولم يقم باي عمل لصالح اللبانين يتراس حكومة تصريف اعمال منذ اكثر من 3 سنوات وهو نجيب ميقاتي الذي لطالما دعم حزب الله على حساب لبنان فلن يكون حسابه يسيرا وهو شخص من ناحية أخرى تاجر وملياردير وضالع في الفساد الذي ضرب الاقتصاد اللبناني في مقتل.
لا ننسى كذلك الضربة النوعية التي وجهتها إسرائيل لخزينة حزب الله التي نفضت ملايين الدولارات وخزائن ذهب الى العراء في وقت يرزح فيه اللبنانيين تحت وطأة الصعوبات المعيشية وهذا له أثر كبير بل فعلا أثرَ فيهم ولن يموت هذا الأثر ابدا، بل سينفجر وقد ينفجر قريبا.
حزب الله مازال يحاول اشعال حرب أوسع الامر الذي فشلت فيه حماس وتلاشت (حماس أخرجت من اللعبة فعليا ورسميا) , فهو يعلم انه في عداد الموتى والطريقة الوحيدة لتأجيل اعلان وفاته هي حرب شاملة وهذا الامر يعيه الغرب لا سيما إسرائيل لذلك هم لن يحققوا هذه الأمنية لا لحزب الله ولا لإيران لان ذلك من شانه ان يعكر صفوا خطة التوسع الإسرائيلية والتي تقوم على أساس قطع الأطراف فيموت الجسد لوحده دون الحاجة لمهاجمة الجسد بأكمله مرة واحدة. بالإضافة الى امر مهم وهو، ان الحرب الشاملة غير متوفرة أسبابها حيث ان ما يجري هو تصفية عملاء مجانيين، فالحروب تقوم بين دول او دولتين على الأقل وليس بين دولة ذات جيش قوي مدعوم دوليا وعصابة تعتمد على الصلاة والدعاء ومقذوفات من جيل الحرب العالمية الأولى.
عوامل اشعال حرب أهلية جديدة في لبنان للأسف أصبحت واضحة وساخنة أكثر من أي وقت مضى إلا ذا ما كانت إسرائيل بالفعل ستفرض تفتيت حزب الله ضمن اتفاق الهدنة وهو أيضا امر شبه مستحيل ان توافق عليه لبنان لأنها ان وافقت فسيقوم الحزب بإشعال حرب أهلية بنفسه فإيران تريد تأخير وفاتها لأبعد اجل، أي ان الحرب الاهلية قد تكون قادمة لا محالة في كل الأحوال وستستغل إسرائيل هذه الحرب ايما استغلال قد يكون من ضمنها ضم الضفة الغربية بالإضافة لتوغل في لبنان تحت ذريعة توفير شريط أمني قد يكون عرضه نصف لبنان.
تحيتي
Comments