top of page

قمة جنائزية


مازال الرئيس الاوكراني زيلينسكي مُصرا على ان الهجوم المضاد المزعوم للجيش الأوكراني قد بدأ منذ ايام وانه يحقق شيئا رغم ان هذا الشيء لم يتكلم عنه حلف الناتو ولا إعلامه الممتد من اقصى الأرض لأقصاها بل حتى ما وصفه امين عام الناتو النرويجي يانس ستولتنبيرغ بالـ " مكاسب" لم يحددها ولم يثبتها اي مسؤول سواء عسكري او مدني إلا بالكلام.


فالهجومات الحقيقة لا تكون بمجرد تعرضات (هذه مصطلحات عسكرية دقيقة لوصف وتحليل اي معركة) تقوم بها زمر معينة متفرقة هنا وهناك لا تحقق اي شيء سوى الوقوع في فخ الانسحابات التكتيكية أمام جيش ضخم مثل الجيش الروسي.


ما يقوم به فعلا حلف الناتو عن طريق مرتزقته من النازيون الجدد هي مجرد تعرضات كر وفر ليس اكثر ولم ولن تحدث اي فرق في ميزان هذه الحرب, فالمهم لدى بوتين ربح حرب لا كسب معركة او اشتباك صغير هنا او هناك.


الجيش الروسي لا سيما القوات الجوية الروسية استبقت (الهجوم) وباغتت التحضيرات فأمطرت أوكرانيا وبضمنها كييف بقصف وغارات نوعية دقيقة غير مسبوقة الامر الذي خلف صدمة ورعب shock & awe امست واضحة وملموسة على وجه زعماء حلف الناتو من خلال ردات فعلهم الرسمية التي تمخضت فجأة بالإعلان عن اجتماع لقمة (سلام) فضحت أمرا كبيرا وهم يرون فلذة صناعتهم العسكرية مثل منظومة باتريوت وهيمارس ودبابات برادلي وليوبارد وغيرها تصبح صيدا سائغا للجيش الروسي وقوته الجوية المعروفة بيدها الطولى في المعارك لا سيما هي تستمكن اجواء أوكرانيا بالكامل ومن يملك التفوق الجوي يملك مفاتح النصر دون شك و جدال وتحليل فارغ.


نتائج سريعة


اجتماع رؤساء دول الناتو القادم سيكون في وقت (11 تموز/ يوليو) دمر فيه بوتين اغلى مالديهم ويتفاخرون به من اسلحة ومعدات وأعتدة أُرسلت لأوكرانيا, حيث هذه الأسلحة أسماؤها كانت تهز وترعب عروش وجيوش ودول بأكملها على مر 70 عاما, اصبحت الان اثر بعد عين في مستنقعات وغابات أوكرانيا وتحولت لفديوات تنشر بشراسة في مواقع التواصل في فضيحة تاريخية لم يشهدها حلف الناتو على مر الزمن بالرغم من انها ضمن سلسلة الهزائم التي مني ويمنى بها منذ 2001 ولغاية اليوم, اما الأسلحة الخفيفة والعتاد فحدث ولا حرج حيث أصبحت دول الاتحاد الأوروبي تطبق معايير تفتيش دقيقة جدا بين حدودها لرصد حالات تهريب هذه الأسلحة الى داخل دول الاتحاد وبيعها في السوق السوداء, وهي حالة لم تكن موجودة منذ الحرب العالمية الثانية حيث ان الاتحاد الأوروبي ألغى الحدود بين دوله (لا يركز الإعلام الغربي على هذا الموضوع إطلاقا رغم انه منشور رسميا على موقع الاتحاد الاوروبي ولوقمنا بزيارة قسم حالات الإنذار والطوارئ في الموقع سنجد ان هناك كارثة بالفعل فتقريبا كل دول الاتحاد رفعت درجات الإنذار ووضعت نقاط تفتيش بينها لهذا السبب حصرا كما مبين رسميا ومنذ الصيف الفائت 2022).

لو كان هناك اي " مكسب" حسب ادعاء أمين عام حلف الناتو الأخير قبل يومين وهذا ما تمنوه فعلا (تصوروه وصوروه لشعوبهم المصدومة الان) قبل بدء اي مفاوضات لإحلال السلام في اوروبا لما قدم زعماء الناتو تنزلات تاريخية في هذه القمة القادمة (ليست قمة زعماء الناتو), فما هي التنازلات هذه !


ماهي قمة (السلام) وملابساتها !


حسب تصريح رسمي للمدعو اندريه يرماك مستشار الرئيس الأوكراني وهو رئيس الأركان ايضا يوم 30 ايار/مايو الماضي, قال ان أوكرانيا وحلفاؤها ينوون عقد قمة (سلام) عالمية تضم الرئيس الفرنسي ماكرون الذي ايد بقوة هذه المبادرة الأوكرانية والتي تشمل دعوة دول وقفت مع روسيا واخرى لم تدين روسيا في عملياتها العسكرية في أوكرانيا بالإضافة الى دعوة السعودية لها.

أضاف المستشار اندرية رئيس الاركان " نطلب خطة موحدة للعالم المتحضر المسؤول الذي يريد حقًا العيش بسلام" لكنه تدارك في نفس الوقت عباراته الاستسلامية هذه التي تختلف 180 درجة عن العنجهيات السابقة المقتبسة من أوامر حلف الناتو له فصرح " ان القمة سوف تستبعد روسيا " حسب قوله الذي جاء في مقابلة قسرية (جزء من خطط الناتو الإعلامية) له مع احد أبواق حلف الناتو "وول ستريت جورنال" التي يطاردها شبح الإفلاس هي الأخرى بفعل سياسات حكومات ورؤساء الغرب.


الأوروبيين متلهفون لعقد قمة (السلام) هذه قبل انعقاد قمة رؤساء حلف الناتو بل وصل الأمر لحد التصريح انهم يعملون مع اوكرانيا لصياغة النقاط العشرة التي تطرحها أوكرانيا كي يتم قبولها من قبل القوى العالمية الأخرى مثل الصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا.

هنا يجب ان نقف عند تصريح هذا المستشار الغير مسموح له بالنطق بهكذا امور استراتيجية من تلقاء نفسه فهو الناطق باسم الرئيس الأوكراني والذي وصفته الانبندت بقرقوز حلف الناتو في كاريكاتير نشر سابقاً, فمنذ متى كان للأوكرانيين صوت او رأي مخالف لقرارات وخطط الناتو ولو داخل أوكرانيا نفسها !

لقد ذكر في تصريحه الذي كرره الرئيس الفرنسي ماكرون بانها ستعقد بحضور " قوى عالمية اخرى " ! واكد بان فرنسا تدعمها بشدة بل من الواضح ان جل الامر وراءه فرنسا تخطيطا وإدارة فتأييد ماكرون للقمة صدر بعد ثوان فقط من إعلان أوكرانيا لهذه القمة التي من المضحك ان نتخيل أنها هي من تضع شروطها واجارءتُها.


قمة سلام ام استسلام !


اذن هناك " قوى عالمية " حسب التصريح الرسمي لحلف الناتو ستشترك في قمة (السلام) بل أضحت شرط نجاحها كما يبدو, وهذا الأمر ايضا اكده الرئيس الفرنسي ماكرون فنلاحظ هنا امرا في غاية الأهمية هو انه قد يكون علامة نهاية الحرب الدائرة في أوروبا لطوي صفحة قديمة والبدء بصفحة جديدة تماما, وذلك ان حلف الناتو اصبح يعترف رسميا بل يتحرك فعلا وفق واقع يصرخ علنا بانه لم يعد اللاعب الوحيد في العالم كما حدث منذ 1991 ولغاية 24 شباط/فبراير 2022.


لقد سمى حلف الناتو هذه القوى بلسانه ايضا بالصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا ولنا ان نرى ان هذه هي دول مجموعة البريكس ناقصا روسيا التي يجري استبعادها من القمة حفاظا على ورقة التوت لا اكثر وليس حتى ماء الوجه فقد فقدوه وانتهى الامر,فلا اظن ان روسيا ستحزن حزن يعقوب وتلطم لطم المخابيل حزنا على الاستبعاد من قمة سيعلن الناتو هزيمته بنفسه بل أكاد ارى بوتين يرقص بهستيريا طرباً (وقد يشاركه شي جنبينغ) وهو يرى ان اكبر أهدف العمليات العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا يتحقق ألا وهو الإذعان الغربي للخطة الروسية - الصينية عن فرض عالم جديد فيه تعدد عادل للقوى, هذا ان بقيت اصلا القوى القديمة قوية فهي تصارع من اجل البقاء والقوي لا يصارع من اجل البقاء.


عندما اقول تعدد عادل لا يعني المساواة أبدا, فالعدالة لا تعني التساوي إنما تعني لكل مجتهد نصيبه فالقوي بدرجة 10 من 10 لايكون نصيبه كالقوي بدرجة 5 من 10 وهذا ما تعمل عليه وتقصده الصين وروسيا بوصفها "عالم متعدد الاقطاب " او القوى في خطابها وليس عالم متساوي القوى على الإطلاق ولن يقوله رغم انها تعبير موجود في قواميس اللغة لكن ليس على ارض الواقع الجديد والقرنين القادمين.


اذن بدأ الغرب مع قمة (السلام) القادمة (ان نجحت اصلا) بالاعتراف بان القوى الجديدة في الشرق ونصف الكرة الجنوبي متمثلة بروسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا بالإضافة الى دول مهمة عديدة ستنضم لمجموعة البريكس هي القوى التي تجلس وتضع وتوافق على الخطط الدولية وليس كما كانت من قبل حصرا على بعض دول حلف الناتو ( بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة) فمعلوم ان باقي أعضاء حلف الناتو مثل المانيا وايطاليا ومثيلاتها فهذه دول تكملة عدد وليس دول قائدة, فمهمتها هي فقط دفع اشتراكات نقدية وعينية للحلف وتضخيم الحملات الإعلامية لا اكثر.


ستنعقد قمة الناتو القادمة يومي 11 /12 تموز/يوليو القادم بحضور رؤساء دول لم تستطع الانتصار في اي حرب دخلتها منذ عام 1945 رغم انهم يعتبرون تفكك الاتحاد السوفيتي انتصار عام 1991 وليكن هذا, لكن اي انتصار عسكري لم يستطيعوا تحقيقه حتى على اضعف الدول مثل أفغانستان وسوريا بالإضافة للفشل التاريخي في العراق بالإضافة الى الهزائم الأخرى المعروفة لدى القاصي والداني, فلنتخيل قمة منهزمين يضخون مليارات الدولارات منذ 16 شهرا في حربٍ ما زالت لم تكلف روسيا الكثير لكنها كلفت الغرب حاضره ومصيره ولقمة عيشه.


ستكون قمة جنائزية بكل ما أوتيت الكلمة من معنى.



تحيتي

٦٥ مشاهدة٠ تعليق

منشورات ذات صلة

عرض الكل
bottom of page