top of page
صورة الكاتبرياض بـدر

هذه هي أوراق الرد الصينية ضد الولايات المتحدة


كاريكاتير يمثل تقسيم العالم بين الصين وامريكا

 

بدأت الولايات المتحدة في الأول من حزيران / يونيو بفرض ضرائب جديدة على طيف واسع من البضائع الصينية وبلغت نسبة هذه الضرائب ما بين 10 الى 25 % الامر الذي سيضيف مدخولا الى الخزينة الامريكية بأكثر من 30 مليار دولار سنويا بالإضافة الى عما يتم استحصاله من ضرائب اصلا من الواردات الصينية، فهل ستقف الصين موقف المتفرج!

كرد فعل اولي بدأت الصين بفرض ضرائب على الواردات الامريكية وكانت النتائج كالمتوقع بأن انخفضت واردات الصين من المنتجات الامريكية بشكل حاد لكن الصادرات الصينية الى الولايات المتحدة لم تتأثر إلا بشكل بسيط الامر الذي حتما سيلقي بضلاله على مستقبل هذه الحرب التجارية بين العملاقين.

لكن لماذا لم تشمل قائمة السلع الصينية التي تم فرض ضرائب عليها 17 عنصر كيمياوي ثمين ونادر تنتجه الصين من مناجمها وتشتريها الولايات المتحدة تدخل في صناعة كل شيء تكنولوجي و تدخل في صناعة الأسلحة المتطورة أيضا!

وسوف لن تتغافل عنها الصين بل ستستعملها حقا ان دعت الحاجة فالأمر لايزال في بدايته بالإضافة الى أوراق كثيرة مثل سوق منتجات ابل (Apple) وما تستطيع فعله الصين تجاه هذه الشركة التي تشكل السوق الصينية 19% من مبيعاتها العالمية وقد هبطت قبل عام الى 10% بسبب المنافسة خصوصا من هواوي وتستطيع الصين مثلا ان تغلق متجر ابل ( Apple store) وتجعل هاتف ابل مجرد لعبة لا قيمة لها بيد الأطفال.

الصين تحتفظ بأوراق ضغط ليست هينة ولا رخيصة وأيضا ليست غائبة عن وعي او حسبان الإدارة الامريكية لكن كيف لعبتها أمريكا وما التضحية التي ستقدمها جراء الحرب التجارية التي بدأتها هي!

عند حساب الربح والخسارة توضع في عين الاعتبار اشد او اعلى الخسارات التي يجب التخلص منها او ايقافها ويسمى في علم البورصة (Stop loss) وهي بضمنها ان تتقبل ما خسرت وان توقف فورا خسائر متوقعة إضافية كي لا تخسر كل شيء.

الحرب برمتها ليست حرب بضائع فحسب او محاولة أمريكية لجني أرباح تعتبر عادية قياسا لحجم السوق الامريكية والصينية بل هي مسالة وجود بأكمله، فالصين بمشروعها المسمى الحزام والطريق (BRI) ستسيطر على مقاليد التجارة والنقل في العالم وفي اسوء الاحتمالات ستسيطر على غالبية هذه التجارة لكن النقل سيكون فقط عن طريق هذا الطريق والذي كان يسمى طريق الحرير سابقا.

وسائل أمريكا التقليدية ضد الدول المستهدفة منذ عقود هي الحصار والعقوبات ومنظمات حقوق الانسان البائسة التي ليس لديها شغل ولا عمل سوى تلفيق وتكبير عادات اجتماعية لشعوب وتصويرها على انها خروقات ومجازر وانتهاكات حقوق (كما في موضوع الشذوذ الجنسي). هذه الأسلحة باتت الولايات المتحدة تعلم علم اليقين انها سائرة الى اندثار وعديمة التأثير في دول مثل الصين وروسيا فلم تعد تعمل كما كانت لعدة أسباب منها ان غالبية المستهدفين في هذه العقوبات على سبيل المثال أصبحوا يتحاشون الوقوع في هي التقارير او قد قاموا برشوة أعضاء ما يسمى المنظمات الإنسانية لإسكاتهم او حتى حضرها تماما كما في دول الخليج فأصبحت عقيمة ناهيك عن فضائع وجرائم إنسانية ترتكبها الإدارة الامريكية وتسكت عنها هذه المنظمات.

وعندما يكون المستهدف دولة مثل الصين التي تنتج اكثر من نصف البضائع الاستهلاكية في الولايات المتحدة واكثر من 90% من بضائع الدول النامية والفقيرة واكثر من 70% من بضائع الدول المتقدمة في أوروبا خصوصا ما يدعى مجموعة السبع الكبار G7 والتي يرزح على الأقل احد أعضائها تحت رعب ديونه التي بدأت رائحتها بالانتشار وقد تستدعي تدخل الاتحاد الأوروبي فكيف تعتبر عظيمة. . لا أدرى صراحة!

فعندما يكون المستهدف دول بهذا الحجم فبالتأكيد كل ما عرفناه من أسلحة أمريكية هو غير نافع قطعا وبلا تفكير.

الأسلحة الحربية لا تنفع ابدا لمحاربة دول بحجم الصين او روسيا فهذه دول تسمى في العلم العسكري دول منيعة فحجمها وتنوعها وقوتها العسكرية وحجم جيوشها ونوعية شعبها الأصيل المتماسك يجعل أي عمل عسكري ضدها فاشل والتاريخ يشهد.

أصبحت الولايات المتحدة بلا أي سلاح ناجع ضد الهيمنة الصينية المطلقة على زمام كثير من الصناعات لا بل وتطويرها مثل تقنية الـ 5G والتي طورتها هواوي مع شركة دوكومو (DOCOMO) اليابانية في نهاية عام 2016 والتي ستكون بلا منازع التقنية التي تستحوذ على قطاع الاتصالات في العالم والذي تهيمن عليه الولايات المتحدة فهي من اخترعت هذا المجال وليس من السهل ان تستلم للهزيمة فيه.

نرجع لموضوع الضرائب، فهي كما نرى محاولة يائسة فقط لتأخير تقدم الصين ولو لفترة من الزمن ريثما تطرح الولايات المتحدة مشروع ما او خطة ما للإبقاء على هيمنتها على العالم او لنقل هيمنتها مع حلفائها عبر الاطلنطي على العالم، فالمشهد يقول الاتي:

أوروبا المنزعجة تحاول التجديف بعيدا عن الشراكة الامريكية بواسطة انشاء جيشها مما يعني توديع حلف الناتو الذي أصبح سيء الصيت وأوروبا لا تريد العودة الى زمن الاستعمار والامبراطوريات فهي في غنى عن هذا لا سيما وفق متغيرات العصر.

تفتت الاتحاد الأوروبي الذي سعت وتسعى اليه الولايات المتحدة كما سعت لتمزيق الاتحاد السوفيتي سوف لن يحافظ على قوة وتفرد أمريكا بسياسة العالم بل من الواضح انه اعطى فرصة ذهبية بل ماسية للصين لتدخل بقوة لمساعدة الدول الاوربية كل على حدة وليس للاتحاد نفسه ككل فهي أي الصين تعلم علم اليقين ان تفكك الاتحاد هو مسالة وقت وان طالت لذا فهي لن تستثمر مبالغ فلكية في ميت.

ذاك هو المشهد فالاتحاد الأوروبي لن ينسى ما فعلته الازمة المالية عام 2008 والتي اعترفت الولايات المتحدة بأن الازمة بدأت من عندها بل وتسببت بها يبقى ان نعلم ان الازمة المالية تلك كانت عمل متعمد بوضوح وهذا ما تأكدت منه أوروبا لكن لسان حالها منذ ذاك الوقت يقول" ما عسانا نفعل الان! لكن الامر لن ينتهي الى هنا "

فالأوربيين ذوي الدم البارد قد لا يردون بسرعة لكن بكل تأكيد لن ينسون ولن يسكتون فاقتصادات أكثر دول الاتحاد الأوروبي عانت ما عانته بسبب تلك الازمة لدرجة جعلتهم يطبعون النقود بغطاء شفاف سميت حينها تلك الأموال بالـ Cheap money لدرجة ان قيمتها في انحدار يومي وبشكل مرعب ينذر بأزمة اقسى وقد تكون قد بدأت.

تدفع الولايات المتحدة بموضوع تسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بما يسمى (مشروع صفقة القرن) بكل قوتها بعد ان وصلت الدولتين (الولايات المتحدة وإسرائيل) لقناعة ان الوقت قد حان لإرضاء العرب بإزالة ايران التي علم العرب متأخرا ان إسرائيل هي من زرعت نظام الخميني في المنطقة لإزعاجهم, حان الوقت لترضيتهم كي لا تكون المنطقة ساحة سهلة للتنين الصيني والذي بالفعل دخل اليها واضعين بعين الاعتبار ان كبرى الشركات النفطية الصينية والتابعة للحكومة الصينية قد حازت على استثمارات في العراق وفي حقول ضخمة اضف الى ذلك زيارة الرئيس الصيني لدولة الامارات العربية المتحدة وتوقيع اتفاقيات ضخمة معها وهذه الدولة بدأت تسبح بعيدا عن فلك المملكة العربية السعودية.

من ناحية أخرى لا تخفي المملكة العربية السعودية مخاوفها من سياسات الإدارة الامريكية وإسرائيل فهي ليست ودية كثيرا مع العرب فوضعت في الحسبان تقوية علاقاتها الاقتصادية مع الصين واليابان والهند أي مع خيرة واقوى دول اسيا والتي تسيطر على غالبية الاقتصاد العالمي بطريقة وبأخرى.

مشهد تنامي قوة الصين على حساب القوة الامريكية في منطقة الشرق الأوسط لن يكون مشهدا رومانسيا ولا سعيدا بل يقض مضاجع المخططين في الإدارة الامريكية التي ارتأت الإطاحة بالديمقراطيين ولو لمدة 8 سنوات (قد يكون أكثر) لكبح جماح الصين في التوسع على الأقل في منطقة الشرق الأوسط التي لا تكن أي محبة او ثقة للسياسات الامريكية.

أمريكا تسابق الزمن فهل ستدركه وكيف! اين خياراتها او قوتها في السباق!

ام ستستسلم بأنفة وتتقاسم السوق العالمية مع التنين بحرب باردة لكن هذه المرة حرب اقتصادية مستمرة تنفع كلا الطرفين فهي تودي بأسعار الطاقة الى الارتفاع الغير جنوني (يسمى التضخم الجيد شرط السيطرة على مستوى معين من ارتفاع الأسعار) مما يساعد البنوك وينمي الاقتصاد العالمي ويجعل المستهلكين في بحبوحة من امرهم الامر الذي يجعلهم ينفقون أكثر فتدور عجلة النمو والإنتاج الصناعي لكن هذا سيكون طبعا على حساب هيمنتها على العالم بل كما ذكرت سيجعلها تجلس للمشاركة بالقرارات الدولية لا لفرض سياستها او أهدافها ضد دول لا تدور في فلكها.

هل تستطيع الولايات المتحدة ان توقف زحف التنين الذي لم تستطع إيقافه فهو يتمتع بالفيتو ويتمتع بالمال ويتمتع بالنعومة واللطافة، فهو لم يتدخل بشكل سافر بشؤون أي دولة أخرى على وجه الأرض قط بل لم يتدخل بشؤون تايوان وامسى محبوبا حتى من ذوي الدم البارد الذين أصبحوا تواقين للحزام والطريق أكثر من أي وقت مضى كي يوفر لهم طريقا من الكارثة التي سببها لهم النسر.

٠ مشاهدة٠ تعليق

منشورات ذات صلة

عرض الكل

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page