top of page

لماذا خطب ماكرون بالكونغرس الأمريكي الآن؟


الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يخطب في الكونغرس الامريكي

بقلم رياض بدر

كان خطابا تاريخيا ألقاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الكونغرس الأمريكي لدى زيارته الأولى للولايات المتحدة الأمريكية منذ تولي ترامب منصب الرئاسة. الخطاب جاء قبل يوم 12 أيار/مايو وهو موعد تمديد رفع العقوبات عن إيران حسب الاتفاق النووي الإيراني, وهو أيضا عبارة عن خطة شاملة لقضايا دولية مصيرية كبيرة جاري العمل عليها وإنجازها سيكون بمثابة ركائز لعالم قادم ومن الواضح إن فرنسا وأمريكا وبريطانيا متفقين عليها مبدئيا من خلال الزيارات المكثفة والاجتماعات التي عقدت بين الدول الثلاثة إضافة إلى ألمانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي على مستوى وزراء خارجية ومسؤولين رفيعي المستوى فزيارة ماكرون و خطابه بالكونغرس الأمريكي لم يكن إلا إضفاء الرسمية والإقرار عليها بأنها خطة تم الاتفاق عليها ,ايضا رسالة الى اخرين باننا جاهزون للحقبة الجديدة فلينضم من يريد وإلا!

كما ذكرت سابقا إن ترامب لعبها بجدارة بأن يثير عاصفة من الهلع في العالم بانسحابه من اتفاقيات معينة وفرض قوانين تجارية معينة قد تشعل حرب تجارية لن يكون فيها رابح أبدا وهو يعلم هذا قطعا لكن السياسي يجب أن يكون اقتصاديا بالدرجة الأولى فيطبق حكمة تقول " إن أردت عصفورا فاطلب فيلا".

ترامب يصر على تعديل الاتفاق النووي الإيراني أو أنه سينسحب منه نهائيا فتعود بذلك العقوبات الاقتصادية على إيران التي هي أصلا تعاني من أزمة اقتصادية خانقة لن تستطيع الإفلات أو التعافي منها إطلاقا مهما فعلت والأوروبيين مصرين على إبقاء الاتفاق فكان يجب جعلهم يقدمون تنازلا مقابل أن يتنازل هو ويرجع بالانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ أيضا موضوع الحرب التجارية من فرض رسوم وضرائب على تجارة الصلب والألمنيوم مع أوروبا فالاتفاق النووي الإيراني يتيح لأوروبا التعامل والإستثمار مع إيران بعد رفع العقوبات لكن ما حصلت عليه امريكا من الاتفاق لا شيء بل أطلقت إدارة أوباما مبالغ ضخمة كانت محتجزة في بنوك أمريكا لصالح إيران رغم أنها عادت وأخذت قسم كبير جراء صفقة الطائرات التجارية.

الوضع الآن كما بينه ماكرون انه سيبقي ويجب أن يبقى على الاتفاق "فقد وقعنا عليه" قال ماكرون, لكن يجب أن يعالج قضايا لم يتم الأخذ بها وهي مهمة جدا حسب تعبيره مثل قضية الصواريخ البالستية والخطط التوسعية لإيران في المنطقة ودعم الإرهاب وقد شدد ماكرون إن هذه الأمور يجب أن تراعى في صياغة التعديل الجديد بلا أي تنازل أو نقاش بل اسماه الاتفاق النووي الجديد. أيضا سيكون الاتفاق الجديد غير محدد الفترة لامتلاك إيران سلاح نووي فإن ماكرون أوضح إن الاتفاق يجب أن يمنع إيران تماما والى الأبد من امتلاك أي سلاح نووي.

هذه الشروط بالطبع سيتم رفضها من نظام طهران فهي شروط تجعل منه أضعف دولة في المنطقة و ستنهيه بالكامل فايران هي دولة تعتاش على دماء الآخرين من خلال التوسع ونشر الإرهاب لا من خلال علاقات ودية إطلاقا وهذا ما أثبتته الأيام والسنين منذ عام 1979 المشؤوم حين جاء الفرنسيين أنفسهم بالخميني بعد الاطاحة بالشاه, فإذا ما رفضت إيران الشروط إذن ستواجه عزلة دولية كاملة مع عقوبات لا طاقة لها بها ومن ثم الانهيار, وان وافقت في نهاية الأمر حيث إن الملالي قد لن يكون لديهم أي خيار أخر لإطالة أمد التحكم بالسلطة فان وافقت فالاقتصاد لن يتحسن ايضا وستكون دولة قد استنفذت السبب من وجودها فهي بالأصل كيان تم اختراعه وزرعه في خاصرة العرب ليفعل ما فعل وقد انتفت الحاجة إليه فيجب إطلاق رصاصة الرحمة عليه وينتهي الأمر فالمرحلة القادمة لن يكون لذوي العمائم والملالي أي دور فيه وسيكون الشعب الإيراني هو من سيسقط النظام كالعادة.

قبل أسبوع وصل التراشق الكلامي والتهديد بحرب بين إسرائيل وإيران أشده بل ذهب اكبر المحللين وصغارهم بأن الحرب بين البلدين وشيكة فقد قامت إسرائيل بضرب قواعد ومعسكرات إيرانية في سوريا ولبنان عدة مرات في ايام معدودة وقتلت افراد من الحرس الثوري الإيراني بالإضافة إلى الضربات السابقة في العمق السوري لأهداف تعتبر خطيرة على إسرائيل ولم تستطع لا إيران ولا أذنابها من حزب الله والنظام السوري بان يطلقوا رصاصة واحدة ضد إسرائيل فهم يعون جيدا بأن إسرائيل ليست وحدها اطلاقا ومن يطلق رصاصة عليها ستكون خاتمته السيئة تاريخية بكل معنى الكلمة.

استغرب الكثيرون لما خفت فجأة صليل الحرب ونبرة العداء, السبب هو أن حلف الناتو وبالذات الولايات المتحدة ضغطت على إسرائيل على أن لاتصعد مع إيران كي لا يتحول الموضوع لتعاطف بعض المسلمين والعرب مع إيران تحت غطاء الجهاد لأن احد الاطراف هو يهودي والآخر مسلم وقد يسبب ايضا حرجا كبيرا إسرائيل في غنى عنه لاصدقاء محتملين مثل المملكة العربية السعودية ومصر وبعض الدول التي قد تنشأ معها علاقات قريبا اي يجب ان لا يتم اعطاء اي مسوغ لإيران أن تستثمر العداء بينها وبين إسرائيل لصالحها لاسيما الفلسطينيين و قسم من اللبنانيين في الجنوب وايضا قسم كبير من شيعة العراق المتعصبين طائفياً مع إيران.

فسكتت إسرائيل كما سكتت في الماضي عندما قصفها صدام حسين بـ39 صاروخ ارض ارض أثناء حرب الخليج الثانية عام 1991 ولم ترد عليه لنفس السبب و بضغط من الولايات المتحدة ايضا وفعلا كانت خطة ذكية لم يتوقعها صدام حسين أبدا وقد عوّل عليها كثيرا في ذلك الحين.

فالموقف الآن هو, اتفاق نووي في مهب الريح بل أصبح في حكم الملغي فالاطراف الموقعة عدا إيران وروسيا يريدون تغييره واضافة بنود جديدة اساسية والاطراف الاخرى واولها إيران ترفض اي تعديل و إلا فإنها ستنسحب وطبعا لن تنسحب فهي دول ليس لديها خيار آخر اطلاقا فهي دول ضعيفة جدا وشبه معزولة دوليا تعاني سكرات الموت.

روسيا تقف عاجزة أمام هذه الضربات الموجعة فهي لا تستطيع أن تواجه العالم كله والهجمات الصاروخية الاخيرة كانت رسالة شديدة اللهجة من حلف الناتو لروسيا اولا واذرعها في المنطقة الى درجة انها مازالت تترنح من الصدمة وصارت تتعلق بأمور مضحكة مثل عدد الصواريخ التي أسقطتها الدفاعات الجوية السورية البالية وهي تعلم أنه أمر ساذج فهذا شي طبيعي لا سيما اثناء وصول الصاروخ لهدفه فيكون على بعد مرأي جدا وارتفاع منخفض فقد يسقط بالكثافة النارية هذا ان لم يسقط بفعل عطب لكن المحصلة النهائية هي أن ما من هدف لم يتم اصابته فعادة الهجمات الصاروخية يتم اطلاق عدة صواريخ على نفس الهدف لتدارك هذا الأمر وهذا ما حدث بالفعل ولازالت تردد جملتها المملة بأنها سترد و بشدة ولم نرى اي رد على أي تحرك من حلف الناتو منذ سنين.

ماكرون اختتم خطابة التاريخي بعبارة تختصر كل ما ذكره وتحدد بالضبط سياسة حلف الناتو في الفترة المقبلة فقال " سوية نحو النصر على التهديدات المعاصرة " ولا يوجد لدى حلف الناتو أي تهديد معاصر سوى التهديد الروسي والذي كي يتم تحديده فأولى الخطوات قطع أذرعه في المنطقة والعالم.

١٤ مشاهدة٠ تعليق

منشورات ذات صلة

عرض الكل
bottom of page