top of page

هل فعلا خططت إسرائيل لاغتيال صدام ؟




عرضت قناة صهيونية تقريرا مريباً مفاده ان الموساد الإسرائيلي خطط لاغتيال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في عام 1992 لكن الخطة فشلت حسب هذا التقرير.


التقرير منسوب لمصدر واحد فقط وهو الموساد وهي جهة غير موثوق بها بل حتى اقرب اصدقائها وداعميها وهي الولايات المتحدة لا تثق بها فطالما حدثت مواجهات عديدة عنيفة بينهما على مدار عقود وصلت حد اعتقال جواسيس صهاينة من قبل الولايات المتحدة وإيداعهم السجن لفترات طويلة جدا.


عند تحليل هكذا تقارير يجب ان نأخذ بالحسبان أمور عدة ولا ننقل الخبر كالببغاء مثلما تفعل أبواق حلف الناتو لا سيما المستعربة منها والتي يملكها ويمولها جميعا وكالات اخبارية عالمية يسيطر عليها اثرياء يهود مثل روبرت مردوخ بالإضافة الى ثلة اثرياء عملهم وهدفهم السيطرة على العالم بواسطة فبركة حملات إعلامية مبنية على الخداع والتلفيق والتشويه والحقيقة منها براء.



حدث العاقل بما لا يُعقل فإن صدّق فلا عقل له.



أولا: يقول الخبر انهم أوقفوا الخطة بعد حدوث خطأ بشري أثناء التدريبات عندما قام احد الأفراد في فرقة الاغتيال هذه برتبة ضابطا بالضغط على زر إطلاق صاروخ حقيقي بالخطأ بدلا من الصاروخ التدريبي، هل هذا كلام يُصدقه عاقل!


المفروض ان من يتم اختياره للاشتراك في عمليات مهمة وحساسة كهذه كاغتيال رئيس دولة كانت حينها أقوى دولة عربية وصدام حسين اكثر رئيس يحظى بشعبية في العالم العربي والإسلامي، ان يكون محترف وليس بضابط لا يفرق بين زر الإطلاق الحقيقي والتدريبي، المصيبة يدعون إنه ضابط, اي تهريج هذا !


ثانيا: عند التدريب لا يوجد مكان للأسلحة الحقيقية أثناء التدريب او في متناول المتدربين، اي ان كانت الخطة هي إطلاق صاروخ ضد موكب لصدام حسين او مكان يتواجد فيه فسيكون هناك فقط صاروخ تدريبي لا صاروخ حقيقي وهذا من شروط السلامة في التدريب لا سيما عمليات الاغتيال، هذا تهريج اخر وكأنهم يتحدثون عن لعبة غولف! (التدريبات الجيدة لا تستخدم أسلحة تجريبية أو كاذبة فهذه تقلل من كفاءة وجودة التدريب).


ثالثا: تذكُر الخطة المزعومة انه صاروخ، وهل صدام حسين ثبت عليه يوما منذ تسلمه السلطة في العراق عام 1979 ان شخصا وان من حمايته الخاصة (يسمون الخط الأول) لديهم اي علم عن توقيات تحرك وتنقل صدام حسين ! فالصاروخ لا يطلق لهدف متحرك إلا اذا كان من طائرة نفاثة متطورة جدا وعلى ارتفاع منخفض وفي عام 1991 لم يكن لطائرات المسيرة اي دور في اي عمليات او حرب في العالم.

هذا لم يحدث ابدا ولا يمكن لأي جهة معرفة هذا مهما كان قربها وثقة صدام حسين بها كذلك ان صدام حسين لا يعلن عن نيته في الزيارة القادمة او اين سيذهب إطلاقا وهذا من متطلبات الامن.


لنفترض انه تم فعلا إطلاق الصاروخ التجريبي هل هو صاروخ دون مادة متفجرة! طبعا لا ، ولنفترض أيضا انه بلا مادة متفجرة هل الصاروخ التجريبي مصنوع من القطن ! ولا يؤذي احد ان سقط عليه ! اي تهريج هذا !


إذن فقرة ان ضابطاً اطلق صاروخ حقيقي بدل التجريبي هو اقرب للنكتة منه الى معلومة رصينة.


رابعا: صدام حسين لا يتنقل بسيارة مميزة واحدة تثير الانتباه على الإطلاق بل كان يستخدم في موكبه عدة سيارات متشابهة الموديل واللون (في اغلب الأحيان كانت مارسيدس S300 فضية اللون ومع ذلك تتغير باستمرار كأن ياتي بسيارة عادية مع هذا الموكب التمويهي) وبلوحات ارقام عادية جدا كي لا يتم تشخيصه بسهولة وكان فريق الامن والحماية الخاص به ويسمى جهاز الأمن الخاص يقومون بعمليات تمويه معقدة جدا فعلى سبيل المثال يصدر الامر بركوب السيارات حيث الموكب سيتوجه الى مدينة كربلاء وفعلا تخرج وحدات حماية تسمى افواج الطوارئ لتامين الطريق والمدينة فعليا فإذا بالموكب الحقيقي وفيه صدام حسين يظهر في منطقة داخل بغداد او محافظة شمالية او حتى ان الواجب كما كان يسمى قد الغي وان صدام حسين في اجتماع حكومي.


خامساً: التنقل بواسطة هليكوبتر مزحة بكل معنى الكلمة فأي هليكوبتر هذه مصنعة في فترة التسعينيات وما قبلها التي تستطيع ان تصل خفية الى العراق او حتى بالقرب من حدود العراق لاسيما في تلك الفترة ! هذا تهريج من فئة خمس نجوم بلا منافس!


(قام الجيش الأمريكي وبالذات ما يسمى فرقة جرذان الصحراء المظلية المحمولة جوا بإنزالات استطلاعية أثناء ام المعارك عام 1991 في المناطق الصحراوية الغربية وفي مناطق تم مسحها بالأقمار الصناعية وطائرات الاستطلاع العميق الأمريكية على انها عصية على الاكتشاف فإذا بمفارز الجيش العراقي والاستخبارات تكتشفها وبسهولة وتم طردها بسرعة أثناء المعارك وهذا ما اعترف به ايضا الجيش الامريكي في عدة مناسبات من هول الصدمة لقوة أستمكان الجيش العراقي على أراضيه وتم اسر ضباط وجنود أمريكيين حينها)


يقول التقرير الكوميدي فهو لا يمكن ان يكون استخباراتي ومهني، بأن الذي امر بالتخطيط لعملية الاغتيال المزعومة هو رئيس الأركان الاسرائيلي وعارضها مدير المخابرات، اي تخبط إداري وعسكري هذا!


منذ متى ضباط الجيش يخططون لعمليات اغتيال او حتى يتدخلون بها، لا سيما في الكيان الصهيوني فهذه مهمة الموساد فقط لا غير , قد يكون الموساد تسلم مُقترح بذلك لكن تبقى الكلمة الفصل للموساد وحده.


لا بل يشطح خيال التقرير الى ان هناك مجموعات راجلة ستنزل وتبدأ تنفيذ خطة الاغتيال، رجاءا دعوني اضحك عاليا لمدة 7 أيام فالتقرير يصور العراق ساحة مكشوفة وسهلة لطائرات الهليكوبتر الإسرائيلية ومجاميع مسلحة مجهزة حتى بصواريخ تصل وتتحرك لتغتال رئيس مثل صدام حسين، يا للهول, صدام حسين الذي لم يمكن باستطاعة قوة تسقطه إلا بغزو من دولتين عظميين, تدعي الموساد بانها كانت تخطط لاغتياله بمجموعة أفراد لا يميزون بين زر إطلاق حقيقي وتجريبي!


ذكر التقرير الخيالي هذا ان الخطة كانت مبنية على معلومة (عظيمة جدا) مفادها ان صدام حسين سيزور مجلس عزاء خاله خير الله طلفاح فيتم اغتياله أثناء الزيارة هذه.


هل كانت الموساد تعلم متى سيموت خير الله طلفاح كي تجهز فريق اغتيال بهذا الحجم وتدربه بهذه السرعة ثم ترسله الى العراق, كل هذا بأقل من 3 أيام !


عندما يتوفى شخص مسلم يتم دفنه مباشرة بعد وفاته ويقام مجلس الفاتحة في نفس اليوم لمدة 3 ايام ولو كان مقدرا لصدام حسين حضوره كما ادعى التقرير فسيحظر في اليوم الاول فقط ويغادر بسرعة (من عادة المسؤولين في حضور مجالس العزاء الحضور في اليوم الاول حصرا وعادة ينتدب صدام حسين نائبه الراحل السيد طه محي الدين معروف), فعن اي تخطيط تتحدث هذه القناة فهكذا تخطيط لو حدث فعلا لاستغرق شهورا.


من ناحية اخرى لم تدري هذه القناة (فبركة غبية) ان صدام حسين كان قد ساءت علاقته بخاله خيرالله طلفاح قبل موته بعدة سنين بل بات فعلا شخصية غير مرحب بها حتى على مستوى القادة والوزراء والمسؤولين بل حتى من شريحة واسعة من العائلة ومنعه صدام حسين بل كان تعميما رسميا من استغلال صلته العائلية (لم يكن لخير الله طلفاح اي منصب رسمي او غير رسمي منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي) بل صار يُطرد في حالة محاولته استغلال علاقته العائلية بصدام حسين, لذلك لم يحضر صدام حسين مجلس العزاء بل كان معلوما وبشكل غير سري ان صدام حسين لن يحضر مجلس العزاء بسبب موقفه من خاله خيرالله طلفاح.


لنفكر في نوعية المعلومات التي تملكها الموساد وسوقتها قناة صهيونية بطريقة فاشلة لا يصدقها إلا ساذج وسطحي المعرفة, فالموساد التي يهول حجمها وخطورتها العرب السذج بالذات اكثر من غيرهم هي عبارة عن مخابرات غبية بشكل لا يصدق ولم تنفذ عمليات ناجحة إلا ضد دول ضعيفة استخباراتيا وعسكريا بل حتى ضد دول فاشلة وصغيرة سياسيا والشواهد كثيرة ومنها كيف تم اصطيادها بسهولة من قبل المخابرات الأمريكية و أودع جواسيسها السجن ولا ننسى عملية تزوير جوازات نيوزلندية التي انكشفت بسهولة كذلك اغتيال المبحوح في فندق في دبي وكانت عملية سهلة لأبعد الحدود لانها بتواطؤ فاضح من استخبارات الإمارات.

" ليس لدينا رجلٌ واحد في العراق"


تصريح مدير المخابرات الأمريكية جورج تيننت في عام 1990 أثناء اجتياح القوات العراقية للكويت خلال اجتماع لمجلس الامن القومي ضمه مع الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش وكولن باول وعدد من كبار المسؤولين حيث قال بالحرف الواحد " اعترف لكم أننا لا نملك رجلا واحد في العراق" ويقصد جاسوس او مصدر بشري معتمد للأخبار داخل العراق وذلك بعد سؤاله من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الاب عن سبب عدم مقدرة المخابرات الامريكية CIA توقع غزو العراق للكويت قبل حدوثه!


رأيي الخاص


إسرائيل رفضت الفكرة أساسا لأمور عدة, منها ان اغتيال شخصية مثل صدام حسين وهو يتمتع بشعبية عربية قوية حينها بعد ان ضرب إسرائيل بـ 39 صاروخ ولم يفعلها احد من قبل لا زعيم عربي ولا إسلامي جعلته أيقونة وهذه حقيقة بلا مدح كاذب, فسيكون صدى ونتائج عملية أغتياله او حتى محاولة أغتياله وتفشل كارثة ضد إسرائيل اكثر منها انتصار ولو معنوي وقد حدث هذا عندما ضربت إسرائيل مفاعل تموز النووي فقد تم إدانتها في مجلس الأمن والأمم المتحدة وفرضت على إسرائيل تعويض العراق بل حتى حدثت مشكلة بينها وبين إدارة ريغن حينها لدرجة كبيرة حيث ان الطائرات المستخدمة لضرب المفاعل كانت حديثة حينها وهي F16 ذات المدى الطويل لذلك استطاعت إسرائيل الوصول لبغداد ثم العودة بالطائرات سالمة.


واضعين بعين الاعتبار ان عام 1992 حيث ادعى التقرير كانت ستنفذ فيه الخطة, كان بعد عام من توقيع اتفاقية اوسلو 1991 وهنا إسرائيل لم تكن بحاجة لأثارة الرأي العام العربي والإسلامي ضدها حيث كان الشارع العربي يغلي بسبب توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على معاهدة سلام مع الصهاينة.


إسرائيل (هذا ان كان فعلا هناك مخطط لاغتيال صدام حسين) رفضت المقترح تماما وهو في مهده عندما رأت أنها لا يمكن ان تربح او تحقق اي شيء من اغتيال صدام حسين ولن تحظى باي تأييد لا داخلي ولا خارجي فلا ننسى انها اثناء ام المعارك وكان صدام حسين يقصف تل أبيب بالصواريخ منعتها الولايات المتحدة من الرد وذلك لتلافي ردة فعل الشارع العربي والإسلامي وهو ما كان يُراهن عليه صدام حسين حيث ان مثل هكذا ردات فعل لن تكون محمودة العواقب لاسيما ان التحالف ضد العراق حينها كان هشاً جدا من الناحية الإعلامية والشعبية حتى على المستوى الدولي لاسيما من جهة الدول العربية المشاركة مثل مصر التي كان جنودها يصيحون صيحات "الله اكبر" في مواضعهم داخل السعودية مع كل صاروخ عراقي يسقط على إسرائيل.

هذا التقرير تكفي ما فيه من عيوب ومغلطات ان تجعله يصلح لان يكون سيناريو كاميرة خفية اكثر من تقرير استخباراتي حقيقي تتناقله أبواق إعلامية.




تحيتي

١٦٠ مشاهدة٠ تعليق

منشورات ذات صلة

عرض الكل
bottom of page