top of page

هل اسرائيل تغرق !

أيقنت


لمحة تاريخية معاصرة


دولة اسرائيل هي كيان تم خلقه في الفترة 1917 – 1948 ( لظروف يهود اوروبا مابعد الحرب العالمية الاولى والثانية وموقف الاوروبيين من استمرار وجود اليهود باعداد كبيرة في اوروبا) ليقع وسط شعوب عربية تكرهها عقائديا وقوميا فقد تم فرضها فرضا من قبل الدولة البروتستانتية (بريطانيا العظمى انذاك) وليس بترغيب شعوب المنطقة سياسيا واجتماعيا على توسيع وتطوير الاندماج بين المسلمين واليهود كما كانوا اصلا طيلة فترة ماقبل انهيار الدولة العثمانية وهذه لم تكن غلطة برايي انما كانت بتعمد واضح اثبتت العقود التالية ان الخطة لم تصب في مصلحة اي من الطرفين سواء العربي اوالاسرائيلي بل فقط لمصلحة الغرب.


هذه الشعوب وبغالبية عظمى تكره اسرائيل لسببين لا ثالث لهما :


الاول: مواريث دينية وطائفية متوارثة منذ اكثرمن 14 قرنا تصل لحد فرض القتال ضد اليهود او من يمثلهم او يواليهم قتالا حد الموت لان الاقصى هو اول القبلتين وثالث الحرمين بل كان اول حرم.

الثاني: جراء الحروب العربية –الاسرائيلية السابقة التي ابتدأت صغيرة بعد وعد بلفور 1917 مرورا بثورة القسام حتى نشبت الحرب الكبرى عام 1948 بعد فرض اسرائيل كدولة تمثل اقلية وسط اغلبية عظمى من غير اليهود, بالاضافة الى الدسائس التي كالتها اسرائيل بمعونة الغرب لهذه الشعوب ومقدراتها على مدى اكثر من قرن, وان ظهر الان من هذه الشعوب فئة غير فعالة ومكروهة اصلا بين اغلبية العرب (ظهرت لاسباب معينة في فترة معينة وقد تختفي هذه الفئة باختفاء الاسباب مثل قبائل غرب الخليج التي ايضا خلقتها بريطانيا بظهور النفط لحماية استثماراتها ليس إلا ) يؤيدون اقامة علاقات وصفقات سلام مع اسرائيل لكن تبقى اسرائيل غير مرغوب بها في المنطقة, ومن ناحية اخرى, اسرائيل تعلم انها لن تخضع لشروط او طلبات هذه القبائل اطلاقا.


مشكلة اسرائيل الجغرافية والأنثروبولوجية


اسرائيل تعاني بل تخشى من موضوع حيوي ومهم, هو اختلال الموازين السكانية (العامل السكاني اضحى اهم عامل لقوة الدول ذات السيادة سواء اقتصاديا او جغرافيا وليس كحسابات بدايات القرن العشرين وماقبله حيث كانت معضلة القرن انذاك اسمها الانفجار السكاني) بينها وبين الدول المجاورة خصوصا مصر وهذا مالم ولن تستطيع الانتصارعليه فلجأت لموضوع الإشغال القسري بعدو خارجي فخلقت الخميني ووضعته على راس السلطة في دولة لها عداء تاريخي مع العرب على اساس عرقي وليس طائفي بالدرجة الاساس كما يظن الاغلبية, ثم مع بداية نهاية عصرالخميني ساعدت بخلق (بدعم لوبيات غربية بالاضافة الى ايران كطرف مستفيد) تنظيمات إرهابية ظاهرها إسلامي سني متشدد وفعلها معكوس بالتمام, فلم تُطلق رصاص واحدة لاعلى إسرائيل ولا على ايران او حلفاء ايران واسرائيل, ورغم ان ايران قاتلت داعش لكن داعش لم يشن هجوم واحد على ايران.


تصريحات ايران المدوية ضد إسرائيل وضد هذه التنظيمات موهمة السذج بأهدافها انها (لتحرير) القدس ومنازلة الشيطان الاكبر, الاهداف التي تبين فيما بعد انها للاستهلاك الاعلامي لا اكثر وثبت بان ايران لها صلات وطيدة واستراتيجية مع هذه التنظيمات ومع الولايات المتحدة وذلك لمصلحة اعلى ستتبين في هذه المقالة.


إسرائيل لديها مشكلة سكانية ( عددية ونسيجية ) فعلية تحاول حلها لكن بائت الخطط بفشل ذريع, فتحاول تارة اخفاء الفشل وتارة طرح حلول بديلة لكن دون جدوى وضربت الهجرة المعاكسة اسرائيل في مقتل, حيث باتت إسرائيل دولة طاردة للسكان من جهة خصوصا بين المهاجرين اليهود (سجلت الهجرة العكسية لليهود الاسرائيلين اعلى وتيرة منذ اعلان دولة اسرائيل وليومنا هذا الى فرنسا التي فجأة عصف بها الارهاب الموجه ضد رموز يهودية حصرا لا سيما بعد تهديد نتنياهو فرنسا فعليا بنتائج وخيمة في عام 2014 ان صوت البرلمان الفرنسي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ولو شكلا, وتم مهاجمة مجلة شارلي ايبدو بعد هذا التصريح مباشرة وسط باريس)




وتباطوء إن لم يكن انعدام التوالف الاجتماعي بين فلسطيني الداخل والاسرائيليين بالاضافة الى فلسطينيي غزة والضفة الغربية الامر الذي برز بقوة في الحرب الاخيرة حيث بدأت بثورة على يد فلسطينيي الداخل وليس العكس وخسرتها اسرائيل بكل ماؤتيت من جبروت بل وقف ضدها الاعلام الاوروبي المعروف بتاييده المطلق لاسرائيل واجبرها على قبول هدنة غير مشروطة ضلعت فيها مصر كعادتها لتسجل موقفاً شجاعا ليس بالغريب على موطن العروبة العتيد.


من ناحية اخرى, اسرائيل لا تريد لاي دولة مجاورة او في المنطقة ان تكون بحجم وثقل اقتصادي جاذب اكثر منها فهذا يشكل خطرا على رؤس الاموال الغربية والاسيوية التي باتت تهرب منها وكثيرمن رؤس الاموال المتميزة والنوعية لا تريد ان تاتي اليها وان اتى بعضها فبمستويات خجولة وهنا يبرز موضوع الاتفاقات المضحكة التي ظنت قبائل غرب الخليج التي وقعت مايسمى اتفاق ابراهام بانها ستنتفع من اسرائيل, هيهات, فقد وقعت مصر ثم الاردن عشرات الاتفاقيات منذ عام 1979 ثم عام 1991 بعد اتفاقية اوسلوا مع اسرائيل ولم ينل اي من هذه الدول سوى الويل والثبور فاسرائيل نقطة ضعفها هو قوة الاخرين الاقتصادية وهذا ما لن تسمح به اطلاقا لانها كيان مختلق ورؤوس الاموال الحقيقية حذرة جدا من الاستثمار في الكيانات المضطربة وجل الاستثمار الموجود في اسرائيل مصدره المساعدات الامريكية المهولة وبعض اموال رجال الاعمال الاسرائيليين الامريكيين او اسرائيلين اوروبيين وهذا لا يشكل ثقلا اقتصاديا دوليا او حتى اقليما كبيرا فهو دعم حكومي وليس اقتصاد حقيقي, فحقق بعض النجاحات قصيرة المدى في داخل اسرائيل حيث في نهاية الامر يحتاج راس المال الى اسواق خارجية كبيرة لتسويق منتجاته او لسوق داخلي ضخم ومستقر وحقيقي ( وليس معتمدا على دعم حكومي ) وهنا كانت المشكلة حيث بدأت التكلفة تقفز وتخسر المنافسة لصالح المنتجات الاسيوية وحتى الاقليمية متمثلة ببدأ عصر النهضة المصري.


اخذين بعين الاعتبار نقطة هامة, وهي ان تعداد مصر لوحدها الان تخطى المئة مليون نسمة غالبيتهم العظمى متشددين بموقفهم القومي التقليدي ضد اسرائيل مع موقف مصري لقيادة العرب كجبهة للتفاهم مع اسرائيل وبدأت تفرض كلمتها وتجلى هذا في الحرب الاخيرة بين الفلسطينيين واسرائيل حيث كان المبادرة المصرية هي التي فرضت نفسها ووافق الطرفين عليها.


الاهم في هذا ان السوق المصري ارض حرام على منتجات اسرائيل وهو اكبر سوق في الشرق الاوسط بعد السوق الايراني (السوق العراقي ايضا ضخم وغير متاح للبضائع الاسرائيلية اطلاقا لكنه سوق للبضائع الصينية والايرانية والمصرية والتركية حصرا) اذن أصبحت إسرائيل في منافسة وجها لوجه مع الصين, اليست المقارنة مضحكة هنا لو قارنا !


أرادت إسرائيل وعملت بقوة لإيصال تنظيم الأخوان المسلمين الإرهابي الى سدة الحكم في مصر والسيطرة عليه لكن فشلت في فرضهم لفترة طويلة فسقطوا بالضربة القاضية بدعم عربي وبالذات من السعودية بالدرجة الأساس, هو الأكبر من نوعه في تاريخ المنطقة (عدا القبائل في شبه جزيرة قطر المعروفة بمواقفها العدائية للعرب بالمطلق وتمويلها كل التنظيمات الإرهابية في المنطقة مثل الأخوان والقاعدة و داعش وحزب الله بكل فروعه والحوثيين حيث ان القطريين ليسوا من اصول عربية بل من قبائل البلوش وعوائل نازحة من شبه الجزيرة الهندية أتت على الأغلب مع الحملة البريطانية للمنطقة في بداية القرن الماضي بالإضافة الى العوائل الإيرانية الأصل التي كانت تعمل في التهريب في المنطقة ) فهل عادت إسرائيل الى منطقة الخطر بعد رفض صفقة القرن من قبل غالبية الدول العربية وشعوبها عدا قبائل قطر والإمارات والعائلة الحاكمة في البحرين (الشعب رفض الاتفاق) ؟


تغير الموقف الدولي


الروس يقولون كلمتهم وامريكا شعرت بل ايقنت ان موضوع محاصرة او محاولة الإطاحة بنظام الملالي في طهران اصبح يأتي بنتائج عكسية ان لم ينتهي بسرعة, فالوضع في العراق ولبنان اصبح ينذر بانهيار غير مسبوق قد تخرج الأمور فيه عن السيطرة إذا ما سقط نظام الملالي الداعم للحكومات في هذين البلدين وقد تسيطر تيارات وطنية خارجة عن سيطرة او لنقل غير مسيطر عليها كليا من قبل الولايات المتحدة وإيران فتصب في مصلحة روسيا ان هي سيطرت على مقاليد الحكم في هذه الدول كما هو الحال في سوريا, هذه التنظيمات الإرهابية بدأت فقدان أرضيتها الشعبية فعلا وتلاشيها اصبح مسالة وقت وحتى لوبيات الحكم في اوروبا لم تعد تهتم كثيرا لدعم هذه التنظيمات فأحزاب اليمين بدأت كلمتهم تُسمع في اوروبا ويجلسون في البرلمانات بل وصلوا في بعض الدول الى دفة الحكم بقوة كي يشارك في صنع القرار ( اليمين يركز بشكل أساس على السياسة الداخلية ويرفض التدخل في شؤون دول خارجة عن الاتحاد الأوروبي) والقرارات لم تعد في صالح الولايات المتحدة بعد طرد بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (واضعين في عين الاعتبار التقارب الصيني – الفرنسي – الإيطالي من جهة والألماني - الروسي من جهة اخرى وما يثيره الأمرين من حفيظة الولايات المتحدة) في نفس الوقت الولايات المتحدة تحتاج لأوروبا قوية تقف معها لكن بدون اتحاد (لذا نرى تركيز الولايات المتحدة على حلف الناتو كي لا يتفكك وقد أفردت مقالة سابقة عن هذا وخطورته على الولايات المتحدة) فالسيطرة على دول متفرقة ومنفردة أسهل واضمن من السيطرة على اتحاد فيه مَن لا يكن الود المطلق للولايات المتحدة مثل فرنسا والمانيا, فطرحت المعادلة الجهنمية هذه نفسها على الموقف في منطقة الشرق الاوسط التي يمر منها اخطر واهم مرحلة من مشروع او مبادرة الطريق والحزام الصيني الذي إذا ما تم وسوف يتم بكل تأكيد سيكون حبل المشنقة على رقبة المملكة العجوز وحليفتها الولايات المتحدة فهما خارج المصب العام لمنافع هذا المشروع الضخم بل ويضرب مصالح الاثنين في مقتل. (لقد كان وصول ترمب وبوريس جونسون الى السلطة وسياساتهم التخبطية المريبة اكبر دعم لهذا المشروع, وفي السياسة لا وجود للصدف)


في عام 2018 رفض البرلمان الأوروبي عقد معرض للكاريكاتير في مقره في بروكسل بعد طلب من جمعيتين إسرائيليتين هما جمعية الأمريكيين اليهود AJC ومشروع الكاريكاتير الإسرائيلي TICP وكانت هي فعالية سنوية تقيمها الجمعيات المناهضة لمعاداة السامية في نفس الوقت الذي يقيم فيه نظام الملالي معرض كاريكاتير في طهران للاستهزاء من الهولوكوست وإسرائيل.


يشارك في معرض الجمعيتين فنانين من إسرائيل وأمريكا للتوعية ضد الانتهاكات الإنسانية لنظام الملالي سواء ضد شعبه او ضد دول الجوار وإسرائيل, لكن الاتحاد الأوروبي رفض بعد 10 اشهر من طلب إسرائيل عقد المعرض في داخل مبنى الاتحاد الأوروبي وهذه سابقة من نوعها في تاريخ معروف بدعم أوروبي مفتوح لإسرائيل, رغم ان الاتحاد الأوروبي أعطى فرصة للمعرض في بناية مجاورة لإقامته وارسل تبرير لإسرائيل بان المعرض " مثير للجدل ".


إسرائيل في احلك ظروفها فعلا وان لم تُبد ذلك, فالوضع اذا ما خرج عن السيطرة (النظام السوري يستعيد عافيته بدعم روسيا وايران تستعيد وضعها على الساحة الدولية من خلال المفاوضات) فلن تكون عواقبه محمودة بالنسبة لإسرائيل فالداخل وصفه أعضاء من الكنيست بجلسة علنية قبل الانتخابات بأسابيع بكلمة غير مسبوقة " نحن نتلاشى " وجسده الناخب الإسرائيلي بطرد نتنياهو من كرسي رئاسة الوزراء (ليس مصادفة ان يتبوأ كرس الحكم في إيران وإسرائيل في نفس الشهر متطرفين كلا يمثل تيار متعصب ويده ملطخة بالدماء ) بعد جلوسه لأكثر من أثنى عشر عاما ورغم انه (حقق) لهم صفقات سلام مع قبائل ضعيفة ومفلسة في غرب الخليج جوبهت بتهكم شديد في الكنيست الإسرائيلي الذي صادق عليها فقط لإبقاء اعتبار إسرائيل اعلى من اي اعتبار وقيل له بالحرف الواحد " لدينا مشاكل داخلية اخطر واكبر وهذه المعاهدات لا تعود بالنفع أبدا " بالإضافة الى (إنجازات) استخباراتية ضد البرنامج النووي الإيراني لكنها لم تشفع له إطلاقا.

اتفاق ابراهام اثبت بما لا يقبل الشك او التأويل انه اتفاق إعلامي مضحك للغاية (كان بطله تلميذ هارفارد الفاشل جاريد كوشنر الذي اختزل الصراع العربي الإسرائيلي بكلمة تفتق عنها ذهنه البدائي بوصفه صراع جغرافي فحسب) بين إسرائيل وبين قبائل تترنح اقتصاديا وجغرافيا وتأثيرها في العالم العربي ادنى من صفر بل ليس لهم اي وزن يذكر في السياسة سواء الإقليمية او الدولية فالقاصي والداني يعلم ان البحرين والإمارات هما قواعد بحرية عسكرية للولايات المتحدة ليس اكثر وتسيطر عليها إيران تجاريا واجتماعيا حيث ان الغالبية العظمى لأصول شعوب هذه القبائل هي إيرانية وترزح هذه القبائل منذ سنين في مشاكل اقتصادية مُقنعة (السعودية تدفع رواتب الحكومة البحرينية بما فيها الجيش والشرطة منذ عدة سنوات) لا حل لها بل أصبحت مناطق طاردة للعمالة بعد ان كانت مُستقطبة وهذه في الاقتصاد تعتبر إشارة الى فقدان بريقها ثم فقدان رأس المال الثقة فيها, فأين المربح سواء السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي او حتى المعنوي من اتفاق ابراهام, فانت قد عقدت صفقة مع تاجر مفلس ورهن بيته الذي لا يملكه!


من جهة اخرى نرى تسارع دولي محموم لمجموعة 5+1 لأحياء الاتفاق النووي الإيراني رغم اعتراض وجعجعة إسرائيل التي كانت الى ما قبل سنين لها ثقل في القرارات في المنطقة بل ودوليا لكن . . اين هذا الثقل الان والغرب يدفع نحو علاقات متينة مع إيران التي تتطير شرا ولو إعلاميا من إسرائيل ولم يلق الغرب بالا لطلبات وتصريحات إسرائيل واعتراضها على الاتفاق بل فعلت إسرائيل ما فعلت لفضح خروقات ايران للاتفاق النووي وصلت حد توجيه ضربات لمفاعلات نووية إيرانية لكن كل هذا ذهب هباءا, وهذه إشارة كبيرة ان الغرب بدأ فعلا يتخلى عن إسرائيل او على الأقل نستطيع القول ان إسرائيل لم تعد ثقلا له قيمة في سياسة الغرب في المنطقة بالإضافة الى ما ذكرته من مواقف صريحة لأوروبا ضد إسرائيل.


الدور ينتظر صاحبه


بدأت القوى الأوروبية مدعومة بوصول الديمقراطيين بزعامة جو بايدن الى البيت الابيض بتخفيف الضغط على ايران التي بدورها شئنا ام أبينا تنفذ سياسات تصب في مصلحة الأوروبيين سواء بقصد ام لا فالغرب له سياسة لا تتغير في هذا الاتجاه وهو عدم ترك العرب دون شيطان يقض مضاجعهم كما يسمى في دول المنطقة (البعبع) فبعد تدمير العراق لم يبق (بعبع) في المنطقة وقد كان العراق بقيادة الرئيس السابق صدام حسين مصدر رعب لإيران فهو الوحيد الذي قهر الفرس بعد اكثر من 600 عام على اخر انتصار للعرب على الفرس بل جعلها تركع وترفع الراية البيضاء فكان لابد من إزاحته لتنفيذ مخطط اكبر.


تخفيف الضغط عن إيران خطوة لاقت ترحيب روسي - صيني وهذا شيء توده اوروبا ايضا, فاوربا اليوم ضعيفة ومنهكة لدرجة خطرة وميؤس منها, نعم ميؤس منها ولا تريد اي عداء مع دول قوية فروسيا اليوم والصين لهما قدرات لا قِبلَ لأوروبا عليها وخير دليل عندما ضم بوتين شبه جزيرة القرم لم تتحرك أوروبا ساكنة ناهيك عن خطوات عديدة لروسيا قابلتها أوروبا بعقوبات دبلوماسية خجولة لا تغني ولاتسمن من جوع بل جعلت الوثاق الصيني الروسي اشد غلظة داعمين عدو اوروبا القديم تركيا ينغص عليهم بين الفينة والاخرى فاصبح الصبح لتجد اوروبا نفسها بين كماشة نارية لا مفك منها إلا بسياسة الهدوء على حساب تغييرات بل اسميها تضحيات خارجية لضمان ولو على قدر قليل من الهدوء داخل الاتحاد الأوروبي.


إيران ورغم العقوبات الاقتصادية والسياسية الموجعة أثبتت انها ما زالت على قيد الحياة وهنا توجد مفارقة تاريخية, الدول التي تخرج او تستمر في الحياة رغم صعاب جمة ستخرج قوية بمخالب أقوى فهل جهلت إسرائيل والغرب هذا الأمر! اشك في ذلك.


من ناحية اخرى اوروبا في وضعها الميؤس منه الان بحاجة الى حليف قوي في الشرق الأوسط يضمن امتداد وسير مبادرة الحزام والطريق (بالإضافة الى عقود تجارية حصرية لشركات أوروبية مع إيران البلد المتعفن بالتمام ويتطلب إعادة بناء شاملة) حيث تتوقع انها مستفيدة منه بشكل كبير وعلى ارض الواقع الامور تقول ان القوي فقط هو نظام الملالي مضافا إليه دعم اوروبي – صيني – روسي سوف ينتج حليف لا يستهان به وغير مكروه بشدة مثل إسرائيل وسط العرب والمسلمين الذين في نهاية المطاف ينظرون الى إسرائيل على أنها تمثل اليهود لكن ايران دولة مسلمة وان اختلف المذهب فهذه مشكلة بالإمكان حلها فلاننسى قاعدة "الناس على دين ملوكها" ولطالما غير المسلمون مذهبهم تبعا لملوكهم, و إيران تسيطر بطريقة مباشرة او غير مباشرة الان على شبه الجزيرة العربية بالكامل عدا السعودية وهذه الأخيرة تترنح وسقوطها بات مسالة وقت, فداعميها يلفظون أنفاسهم الأخيرة وليس في الأفق ما ينتشلها من المستنقع, فكما ذكرت انفاً إنها قبائل تم خلقها لأمر معين وهذا الأمر انتفى.


الموقف الإيراني من إسرائيل واضح والحرب الأخيرة أوضحت هذا فإيران دعمت حماس بقوة خصوصا فيما يتعلق بموضوع التطور النوعي للصواريخ التي أطلقتها حماس على إسرائيل (لم ينتقد الغرب ايران على هذا الدعم إطلاقا رغم انه محرم عليها) أففدت إسرائيل هيبتها أمام تداعي ما كانت تتباهى به وتسوقه من ان منظومة القبة الحديدية هي اقوى منظومة في العالم واقوى من منظومة ثاد الأمريكية واذا بها تفشل في حماية إسرائيل نفسها (وقعت الولايات المتحدة عقد شراء للمنظومة من إسرائيل قبل الحرب بأسابيع ) والان إسرائيل تعلن رسميا انها طلبت مساعدة مالية ضخمة من الولايات المتحدة لتطوير المنظومة تحت شعار "نحن حلفائكم الوحيدين في المنطقة ويجب تطويرنا ودعمنا وإلا انتهينا"


الدجاجة العرجاء لا تعيش طويلا وإسرائيل تحولت من دولة ولاعب مخطط في المنطقة الى دولة تدافع عما بقي فيها, والموقف الدفاعي إذا ما استمر ستكون المرحلة التالية هي تقديم تنازلات لغرض البقاء على قيد الحياة.

أصبحت إيران الان تهدد وبقوة (وسترجع للمنطقة بقوة اعتى واشد خلال 2022) إسرائيل بل وحلفاء الظل لإسرائيل مثل السعودية وبعض قبائل المنطقة التي تسمى دول, بل ان قلب نظام الحكم في البحرين والإمارات لن يكلف ايران اكثر من نداء.


رغم ما فعله نتنياهو من فضح البرنامج النووي الإيراني ومهاجمته عدة مرات وصلت الى تدمير كبير في محطة نطنز (القصص التي ذكرها مدير الموساد السابق لا ترقى الى الدقة ولا صحيحة فهي من وحي خيال لا اكثر وغير منطقية لإقناع الإسرائيليين انهم في آمان) رغم كل هذا لم يقف الغرب وبالتحديد الاتحاد الاوروبي الى جانب إسرائيل بل وقف وبكل وضوح الى جانب إيران بالإضافة الى الموقف الأمريكي الرسمي كما ذكرت, اي المشهد الان كالتالي :


إيران مدعومة من الغرب مقابل إسرائيل المغضوب عليها حتى من الإعلام الاوروبي ودعم اقتصادي من خلال إحياء الاتفاق النووي المسمى JCPOA واضعين نصب أعيننا فقرة " الغرب هو من يفاوض إيران وليس العكس" وهذه من المهم فهمها وإدراك نتائجها بالإضافة الى النقطة الأهم وهي ان الاتفاق لا يتضمن اي كلام عن نشاطات إيران الإرهابية في المنطقة ولا عن برنامجها الصاروخي وهذا ما يقلق إسرائيل بالدرجة الأساس وليس البرنامج النووي فإيران تستطيع زعزعة المنطقة بالصواريخ وكذلك ترهيب إسرائيل بها ولا تحتاج لقوة نووية فإيران تعلم علم اليقين ان الضغط على الزناد النووي معناها نهايتها ايضا.


إذن إيران ستكون قوة موازية بل عليا في المنطقة خلال اشهر قادمة بأقصاها بداية عام 2022 ان لم يكن أسابيع فالمفاوضات تتمدد وفقا لتعنت إيراني اي ان المفاوضين يريدون إرضاء إيران وليس رفضهم لطلبات إيران وإلا لانتهت المفاوضات من الجولة الأولى او الثانية حصرا.


أصبحت إسرائيل وسط محيط هائج ويبدو ان الموج هذه المرة اعلى منها, فهل انتفت الحاجة إليها بعد بروز قوة اعظم وموالية اكثر للأوروبيين (واضعين مشروع الطريق والحزام والشراكة الاستراتيجية بين ايران والصين موضع استراتيجي في التاثير على مجريات الامور في المنطقة) ستترك ليبتلعها الموج الهائج, فلا ننسى ان روسيا والصين ليسوا أحبابا أعزاء ومقربين لإسرائيل فهي حليفة الغرب وعدوة العرب الذين تحتاجهم الصين لمرور مشروعها من ديارهم وإسرائيل هي لقيطة بريطانيا التي تصارع الموت, وموت الدول العظمى يشمل مخلفاتها.



تحيتي


١٠٨ مشاهدات٥ تعليقات

منشورات ذات صلة

عرض الكل
bottom of page